عشاق .. فارغون عاطفيا

لاحظ أني قلت عشق وليس حب ، الحب حالة طبيعية تربط الشخص بالمقربين حوله ، والديه .. اخوته .. زوجته .. حب عن حب يختلف بلاشك .. فحب الوالدة ليس كحب الزوجة ، وحب الابن ليس كحب الأب .. لكل (حب ) طقوسه وأحواله وطرق التعبير الخاصة به ، فتتويج لحب الأم لا يعادل قبلة تطبع على جبينها ، وتلميح حب الزوج والزوجة قد يكون في هدية بسيطة .. لكنه في النهاية ( حب ) وطريقة تعبير للتواصل بين القلوب ..

ما أتحدث عنه يختلف عن (الحب ) .. فحديثي عن (العشق والوله ) والذي أعده برأيي أحد ضروب الخيال والمستحيل ، لا أقول أنه لا يوجد هناك حالات (عشق ) ولكن أقول بأنها حالات ضيقة جداً جداً قد لا تتتجاوز 0.0001% مما هو موجود حالياً ، لأتحدث عن الوطن العربي أو لأكون أكثر واقعية عن دول الخليج ، في الوقت الراهن أصبحت العلاقات بين الشاب والفتاة امراً اعتيادياً أصبح هو القاعدة الأساسية ، فأصبح الشاذ أن تشاهد شاباً لا يحادث فتاة أو العكس ، ولا أخفيكم أنه ذات مرة أصبحت مثار تندر وسخرية بين مجموعة من الأصدقاء عندما أقسمت بأنه لايوجد في جوالي أرقام نسائية ماعدا والدتي وشقيقاتي ، للأسف أصبح الطبيعي هو العكس والغير طبيعي هو الأساس .
لن أفتي أو أخوض غمار العلاقات بين الرجل والمراة ، لكني سأتحدث بواقعية شديدة وأنا في قمة الاستغراب عندما أشاهد الكميات الهائلة من رسائل الشوق والوله في قنوات الأغاني والزيارات الهائلة للبطاقات الرومانسية على الانترنت ، والشعبية الكبيرة التي يحظى بها شعر الغزل والشوق والهيام .. وكأن الأمر يستحق أن يكتب انساناً قصيدة في حبيبته ليبين أنه لم يستطع النوم حتى الصباح من عشقه وهيامه ، لا أقول سوى بالفعل ( عالم فاضية ) .
في رأيي المتواضع أن حالات الشوق والحب التي تنشط كثيراً في مجتمعنا ليس ناتجة سوى عن ضعف داخلي نفسي ، ولتسمحوا لي بأن أعبر عن وجهة نظري المتواضعة حينما أقول بأن العلاقة بين شاب وفتاة ليس مجرد حب وعشق بقدر ماهي ناتجة عن ضعف وبحث عن مايسمى بـ ( الحبيب ) ، ومن خلال اطلاعي على الأصدقاء ( العشاق ) وبعد أسئلة ومناقشات سريعة أكتشف بأن الشاب يقع في حب الفتاة ليس لأنها ( فتاة أحلامه ) بل لأن الظروف سنحت لمخاطبتها ومحادثتها بالجوال أو الخروج ، بمعنى آخر هو لايحبها لأخلاقها أو لفكرها وروحها وثقافتها بقدر ما أن الظروف ساعدته على الوصول إليها بغض النظر عن امتيازات أخرى به ، فقد يكون تعرف عليها من خلال (طريقة الترقيم التقليدية ) ، أي أنه منحها رقمه لمجرد (المنح ) فلا يعرف حتى ماذا تدرس أو حتى مادرجة جمالها .. ، أو أن يتعرف إليها من خلال غرفة الدردشة والشات المليئة في مواقع الانترنت .. بل بعضهم على استعداد أن يمنح حبه وعشقه وهيامه وجميع حواسه حينما يتصل بصديقه ويخطئ بالرقم ليسمح صوت فتاة .. ( اذا مشت الامور معه ) تصبح صديقته التي لا يستطع أن ينام دون أن يسمع صوتها في النهاية هو مجرد فراغ عاطفي يجب ملئه .
بالنسبة للفتاة .. فقصتها الأخرى قصة ، فبسبب العاطفة قد تكون لديها قابلية (للحب والعشق ) بجرة قلم ، والفتيات يتأثرن كثيراً بالمسلسلات والأفلام بشكل أشد من الرجل ، فقد تقضي يومها في البحث عن هذا الشاب الذي سيملاً حياتها حباً وهياماً ، ربما تجد الشاب الذي يطاردها في السوق ليقدم رقم جواله إليها ظريفاً فتحدثه حتى ولو كانت ثقافته وفكره تحت درجة الصفر .. هي في النهاية وصلت إلى قلبه وتريد أن تجعله ( خويها وصاحبها ) الذي تفاخر أمام الفتيات في الجامعة أو العمل بمراسلته بالجوال وفي أحيان حمل صورته و ( التشخيص ) أمام الفتيات بصورة حبيبها الذي تعلم يقيناً بأنه يحادث 10 فتيات أخر في وقت واحد .
بصراحة ، الشاب يبحث عن العلاقة لأسباب متنوعة ، منهم من يكون هدفه صريحا وهو (الجنس) ويستغل سطحية تفكير الفتيات للإيقاع بهن بسهولة ، ومنهم من يكون باحثاً عن طرف آخر يستمع لأحاديثه الليلة لمجرد الاستماع ( هؤلاء يمكنهم التعرف على فتاة كل يوم من خلال مواقع الدردشة ) ، ومنهم من تكون هوايته التعارف وإقامة أكبر شبكة من العلاقات .. يحادث هذه ويمازح تلك ويطلب هدية من فلانة .. وعلى ذلك المنوال .
أما الفتيات فمنهن من يستغل تلك العلاقات مادياً ويبدو لي أن (بطاقات السوا ) أكبر الرابحين من هذه العلاقات .. كل محادثة ببطاقة شحن لا تقل عن 100 وهلم جرا .. الغبي يدفع والفتاة تمنحه ثمن البطاقات بصوتها ، ومنهن من يبحث عن عاطفة فقدتها في زوجها أو عائلتها خصوصاً وأن المجتمع في المملكة يغلق كثير من الأبواب في وجه المرأة .
الغزل والعشق حالة تخيلية ليست واقعية ، ولا يمكن أن تفكر بأن انساناً يمكنه أن يبكي لفراق انسان آخر لا تربطه أي صلة أو أن يسهر الليل يكتب القصائد والأشعار إلا في حال (الحب ) وحده .. وأسمى معاني الحب بين الزوجين .. وماعداهما فلا .. إلا في حالات ضيقة .. وضيقة جدا .
أقول أن العشق والهيام حالة تخيلية لا تنتهي ، والدليل يتضح في الأغاني مثالاً .. فالأغاني الوصفية والوطنية والاجتماعية لا تلاقي قبولاً لأنها واقعاً نراه أمامنا ونلمسه .. من يفكر يوماً بأن يستمع لأغنية تتحدث عن الفقر مثلا .. أو حتى الربيع .. أو السفر ، ولكن لأن (العشق ) حالة تخيلية لا أول لها ولا آخر تمتلاً الأشرطة والسيديات بها .. لأنها غير موجودة وليست ملموسة ، ولذلك نحفظ الأغاني والقصائد ونغنيها أحياناً لأشخاص مجهولين .. هي حالات تخيلية .
على بريدي الخاص بالمدونة أتلقى شهرياً عشرات رسائل لباحثات عن الحب لمجرد أن هذه مدونة تعود لشاب تعكس جزءاً من شخصيته وفكره .. هو فراغ عاطفي وكأن عليهن ملئه بأي طريقه .. ويحادثني أكثر من صديق بأنهم يتلقون رسائل مشابهة لفتيات ( يبحثن عن محبين ) .. ياجماعة والله ماتوصل للدرجة ذي .. يعني ياتحبون ولا فلا !
وش فيني طايح أبربر واجد هاليومين .. اقلطوا معي ثانية ؟ .. تراي جالس آكل فشار