مساعدة .. من نوع آخر

أحياناً ،أفكر كثيراً في كلمة (مساعدة ) وغالباً كنت أبحث عن مفهوم آخر للمعنى ، لم يعد شراء وجبة عشاء واهدائها لعامل (النظافة) أو تقديم مجموعة ملابس ثقيلة لحارس المدرسة المجاورة أو حتى شراء أكياس الأرز ووضعها أمام منزل أحد الفقراء أقول لم يعد ذلك يرضي مفهوم المساعدة بالنسبة لي .
أحياناً أنتهز الفرصة في عز ازدحام الطريق بالسيارات أم أمنح الفرصة لقائد السيارة الكهل الذي يخرج من الشارع الفرعي بالمرور أمامي وافساح الطريق له حتى ولو غضب قائدو السيارات التي خلفي .. لا يهم،رغم سخافة هذه (المساعدة) إلا أني أتأملها كثيراً وأدقق في عيون السائق الذي يبادلني الشكر ولو بعيونه،كما أن الحال لا يختلف كثيراً عن ارشاد قائد سيارة من خارج الرياض يبحث عن عنوان معين حتى ولو استدعى الأمر بأن أمشي أمامه لأوصله للمكان المطلوب .
كان لي جانب من أنواع المساعدة (الأخرى) حينما دخلت مرة مطعماً في ساعة متأخرة لشراء وجبة عشاء ، في إحدى الطاولات القريبة يجلس قرابة خمسة أطفال يجمعون الريالات على الطاولة ويعدونها لكي يتمكنوا من شراء وجبة معينة ، من لبسهم يظهر بأنهم ليسوا فقراء ولكنهم أقرباء ربما كانت مدعوون في أحد المنازل خلف المطعم ،تذكرت حالي عندما كنت في أعمارهم ( 12-14 سنة) حينما كنت أسترجي والدي وأشقائي لتناول وجبة عشاء مع أقربائي الصغار في المطعم ، كنت أتذكر تفاصيل كيفية جمعنا لمبلغ ثلاثون ريال ، هذا يحضر خمسة ريالات ، وآخر يكون أباه أكثر كرماً ويمنحه عشرة ، وثالث يتمكن من كسب 3 ريالات من شقيقته .. وهكذا ، في كثير من الأحيان نعجز عن الوصول إلى المبلغ المطلوب فنبدأ بتقديم التنازلات .. لا بطاطس مقلية .. وأحياناً .. لا بيبسي .. وغيرها من الذكريات الجميلة ، تذكرت كل ذلك وأنا أشاهد هؤلاء الصغار يجمعون ريالاتهم الواحد تلو الآخر وبعضهما كما نقول بالعامية ( معفطة ) نظراً لحرص الصغير على مسك الريالات مجموعة في يده لوقت طويل .
وأنا أترقب هذا المشهد .. سألت (الكاشير ) :كم حساب هؤلاء الصبية فأجابني ( 35 ريالاً ) دفعت المبلغ عنهم وقلت لاتخبرهم بذلك حتى أركب سيارتي ليس لأني أريدهم أن يروني (أشخص عليهم ) ولكن رغبتي في قراءة الفرح داخل عيونهم وكيف أنهم سيتمكنون من شراء وجبات متنوعة أخرى بالـ 35 ريالاً التي يملكونها مسبقاً .
ركبت السيارة واتجه العامل لإخبارهم .. وقفوا مندهشين لمعرفة الغريب الذي حاسب عنهم .. في لحظات تجاهلوني وأخذوا قائمة الطعام لطلب المزيد .. بينما في داخلي كان يجول شعور غريب لكنه رائع .. عدت البيت وأنا أغني !