كلمة لا علاقة لها بالذكاء أو القدرات الخارقة ، بمعنى أوضح الدكتور هو شخص درس في مجال محدد وفي تخصص واحد سنوات عدة قضى فيها ساعات طوال في قراءة المواضيع التي تناقش رسالته وكتب بحثاً أو نفذ مشروعاً عقب ذلك ، هذه هي .. .. بمعنى أوضح وأسهل الدكتور هو الشخص الذي يملك صبراً وجلادة لا تتوفر لدى الآخرين تمكنه من دراسة مجال معين لسنوات .
لنقرب الصورة بشكل أكبر ، لو اخترنا سجيناً بطريقة عشوائية حكم عليه بالإعدام ، وقيل له أمامك خمس سنوات لتتمكن من الإطلاع على 80 كتاباً في تخصص واحد ثم نختبرك حول معلومات ذلك التخصص وفي حال نجاحك سيفرج عنك وتصبح حراً طليقاً .. ألا تتفقون معي بأن نسبة خروج هذا السجين عالية .. لماذا ؟ .. لأنه يملك صبراً وجلادة لحفظ لك حرف من تلك الكتب في سبيل النجاح ، ليس بالضرورة أن يكون مثقفاً أو نبيهاً أو سريع البديهة أو يملك أفقاً واسعاً للتفكير والفهم .
لا أدري لماذا نحن ( في المملكة ودول الخليج بشكل عام ) نقدس ملاك هذه الشهادة ونسبق أسماءهم بحرف الدال وكأن هذه الدال تعني عبقرية أو نباهة ، رغم احتكاكنا الدائم برجالات ونساء الغرب لم نسمع يوماً بأن وزير الثقافة في ألمانيا هو الدكتور فلان أو وزير التربية في فرنسا هو الدكتور فلتان وحتى لم نسمع بأن السمراء ( كوندليزا رايس ) التي تجيد التحدث بأربع لغات أخرى غير الانجليزية تملك دكتوراة في العلاقات الدولية أو أن المستشارة الألمانية ( ميركل ) تحمل دكتوراة في الكيمياء .
قارنوا ذلك بـ ( الدكاترة ) لدينا ، ربما هنا الاعلاميون يحاسبون فيما لم يذكرون اسم ( معالي الوزير الدكتور .. فلان ) أو عضو مجلس الشورى الدكتور علتان ، مع العلم بأن الكثير من ( دكاترتنا 🙂 ) يحملون تخصصات في مجالات بسيطة ولا تستحق التخصص ، والإشكالية أن هؤلاء يقدمون في المجتمع إلى الكراسى الرئيسية في المناصب والمراكز الهامة بغض النظر هل هو كفؤ أم لا .. فقط لأنه يحمل شهادة دكتوراة .. في ماذا .. لا يهم .. هو دكتور في النهاية حتى ولو كان في دراسة لشعر أبي نواس – ماغيره – .
مع تنامى هذا الفكر لدى المجتمع وصل لقب الدكتور إلى أبراج عاجية لا يمكن الوصول لها ، وأصبحت المؤسسات الحكومية تخصص مناصب صورية بمسمى ( مستشار ) لجمع أكبر ثلة من ( الدكاترة ) والذين عادة لا يعودون بالنفع على الدائرة باستنثاء الانتدابات المتعددة والرواتب المجزية ، ولنكن صريحين أكثر .. لو كان هؤلاء المستشارين يقدمون واجبهم بما هو مفروض عليهم لما شهدنا هذا التأخر في مجالات عديدة من أطراف مؤسساتنا الحكومية بل وحتى الخاصة ، يذكر لي أحد الزملاء قصة في هذا الجانب حيث أن مؤسستهم الحكومية تملك موقعاً الكترونياً حوى بعض المغالطات الفادحة جداً والتي سببت مشاكل في الإعلام الأمريكي تحديداً .. كنت أسأله ( ألم يقرأ أحد تلك المادة .. أو حتى يطلع عليه ) .. أجابني ساخراً ( كل المواد أرسلت للمستشارين – الدكاترة – وأجازوها بسرعة الصاروخ )
حديثي هنا ليس انتقاصاً ، بل هناك عشرات الأشخاص حاملي شهادة الدكتوراة بذلوا جهداً أكبر في حياتهم بطريقة عصامية ووصلوا لمناصب هامة بكفاحهم وعملهم وليس بشهادتهم .
أتدرون متى أرثي حالناً ، عندما أقرأ مقالاً أو أشاهد برنامجاً لدكتور لا يستطيع أن يوصل فكرته أو حتى يقنعك بحديثه ، بل وبعضهم ولإثبات ( الدكتورية 🙂 ) يزيد من المصطلحات الموغلة في التخصص ويخلط حديثه بالانجليزية وكأن هذه هي الثقافة المرجوة .
أكتب هذه الكلمات وأن أقرأ مجموعة مقالات للدكتور الطويرقي عضو مجلس الشورى والذي يطالب بتشريع يحد من التعدّي على مجلس الشورى السعودي في وسائل الإعلام بعد عرض حلقة لمسلسل طاش ما طاش .. فهذا الدكتور مثلاًُ حامل شهادة الدكتوراة في الإتصال والإقناع من جامعة إلينوي الأمريكية وشهادة الماستر في وسائل الإعلام والتأثير الشخصي .. وبدلاً من أن يكون عوناً لمزيد من الحرية الصحفية والانفتاح الإعلامي في زمن فتحت فيه كل الأبواب .. يأتي ليطلب بمحاسبة منتقدي المجلس !
اتركوا تقديس الدكاترة .. ياجماعة ..
ذكرت في تدوينة سابقة بأن التغيّر الوحيد الذي لحظته على نفسي عقب تجاوز سن الخامسة…
ربما لا تعلم وأنت تقرأ أسطري هذه، بأني أمضيت هنا وسط هذه الصفحات الإلكترونية بالمدونة،…
مايجمعني بصوت عبدالكريم عبدالقادر مختلف عن أي فنان آخر، سنواتي الأولى في القيادة كانت سيارتي…
بعد فترة تقارب 10 أعوام من السكنى في wordpress.com ، أعود مغرماً إلى عالم المواقع…
من حسن حظي أني حضرت المونديالات الثلاث التي شارك فيها المنتخب 2006 - 2018…