أتذكر قبل سنوات .. ربما حين كنت على مقاعد الدراسة الثانوية، قرأت يوماً للكاتب في جريدة الرياض عبدالله الجعيثن قرأت له مذكرات يوم راجع فيه كتابة العدل بمدينة الرياض في الثامنة صباحا .. وذكر في مقاله أنه منذ أن تقاعد عن عمله الحكومي منذ سنوات طوال وهو لم يعتد على الخروج في معمعة السير في صباح الرياض .. أذكر أنه كتب مشاهداته ومدى اندهاشه للازدحام الكبير في شوارع الرياض عند السابعة صباحاً، حقيقة وأنا في ذلك الوقت كنت أقرأ له وأنا أغبطه لأنه لا يضطر لأن يصحى قبل السابعة مثلنا .. بل ينام حد الشبع .. (ويتبطح 😉 .. لين يقول بس) .. كما نقول بهلجتنا النجدية.
دارت الأيام والسنون .. وأصبحت وظيفتي ظهرية – إن جاز التعبير – فاليوم الذي أخرج فيه قبل العاشرة صباحاً هو بالنسبة لي يوم باكر جداً وأكافئ نفسي فيه بوجبة إفطار .. لذلك لم أحس ولم أتخيل كيف يكون عليه حال الرياض مع دوام المدارس.
قبل نحو اسبوع تأملت رخصة القيادة الخاصة بي فاكتشفت أنها على مشارف الانتهاء .. ولأني انسان نظامي (:D ) فكرت بتجديدها مباشرة وعلمت لاحقاً أن من شروط تجديدها هو إصدار الهوية الوطنية الجديدة .. فقررت في نفسي بأن أختار يوماً أصحو فيه باكراً مثل بقية المواطنين وأقوم بمراجعة إدارة الأحوال المدنية بمدينة الرياض .. أو بمعنى أصح في قلب مدينة الرياض.
قبل أن أدخل في تفاصيل القصة أذكر بأنه لا تربطني بالدوائر الحكومية أية علاقة وبالكاد خلال السنوات العشر الماضية دخلت مبنى المرور لتجديد الرخصة ومبنى الجوازات لتجديد الجواز ومبنى (أحوال ثادق) لتجديد البطاقة .. لذلك فأنا – ولله الحمد- أهنأ براحة البال والسعادة على الدوام ! .
أعود لتفاصيل القصة وأقول بأني خرجت من المنزل عند السابعة والنصف .. وتفاجأت بأن إزدحام طريق الملك فهد يبدأ أقصى شمال الرياض !! .. وتحديداً بالقرب من هايبر بندة .. أول كلمة قلتها في نفسي (ياااااااساتر) .. أنا أتذكر أن الازدحام يبدأ من نفق التحلية أو في أسوأ الأحوال من نفق العروبة .. لكن أن يبدأ التكدس من أقصى الشمال فهذا أمر غير مسبوق بالنسبة لي .. كنت في البداية أعتقد بأنه مجرد حادث مروري لكني وحين دخلت المعمعة .. علمت بأن هذا هو حال الطريق يومياً .. فحمدت لله كثيراً وشكرته على نعمه التي لا تعد ولا تحصى (وأكرر هنا .. يالله لك الحمد والشكر) .
لم أكن لحظتها أعيش بمزاج (رايق) لكوني لم أعتد على الخروج والقيادة في مثل هذا الوقت .. لكن الفرح والسعادة بدت تتسلل إلى داخلي منذ أن بدأت أتأمل حال الناس (المقفلة معها) .. منهم من (دق اللطمة) .. واعذورني على ميلي للحديث باللهجة المحلية هنا 🙂 .. ومنهم من لا يمكنه التركيز في القيادة فأخذ بالسرحان والتنقل دون علم بين مسارات الطريق .. يمينا ويساراً .. وبقية قائدي السيارات الغاضبين يعملون جاهدين (بعصبية) لتنبيهه .. بدأت حينها أميل لفتح شباك السيارة رغم الغبار ..وأتأمل حال السيارات وأضحك .. في البداية كنت أخبئ ضحكتي وراء يدي .. لكني لم ألحظ أن احداً يحس ببقية السيارات فأصبحت أتأملهم وأضحك .. عيني عينك ! وأنا أعلم بأن هناك من يشاهدني ويستائل (وش هالسكران اللي مروق على الصبح) .
مر الوقت بسرعة واقتربت من وسط المدينة، بحثت عن مواقف مؤمنة لأوقف سيارتي فيها لأني أعلم (بدوشة) منطقة وسط البلد وزحماتها الكبيرة .. لذلك لن يضير إيقاف السيارة في أي مكان وإكمال المشوار بسيارة تاكسي أقلها أضمن بأني سأتوقف عند بوابة الأحوال الرئيسية دون هم البحث عن موقف .. والأمر لن يكلف سوى 10 ريالات ، بمجرد أن أوقفت السيارة وقف بجانبي تاكسي (كامري) يقوده سعودي بدوي خمسيني أو ربما (ستيني) .. فتحت الباب دون مشاوره وقلت (اطلع ياسطه على الأحوال ) ! .. من جدكم بقول كذا ؟ (الأحوال الله لا يهينك) 🙂 كانت عبارتي الأولى .
الضحك والسعادة كانت حاضرة في هذا التاكسي .. السائق كان يستمع لإذاعة الرياض التي كانت تبث البرامج والفواصل الموسيقية بذات الطريقة التي كنت أستمع إليها في طفولتي حينما كان شقيقي يوصلني للمدرسة، نظرت للرجل المتعب وهو يتحمس لمتابعة المرايا الجانبية كي يتجاوز السيارات المتكدسة أمامه ويده اليمنى تجيء وتذهب بناقل الحركة اليدوي .. كان مظهره يوحي فعلاً بالتعب والأسى .. يكفي أنه كان يضع شماغه مطوياً على كتفه وهو يردد (هالغبار متى يحل عنا ؟) قلت له وأنا أضحك .. بل أفضل .. لعله يزيد .. لأنني أتفائل دوماً بإذن الله أن مصير أهل الرياض الجنة إن شاء الله .. لأن رحمة الله واسعة فهو لن يعذب أناساً بالعيش في مدينة الرياض وعواصفها الرملية التي لا تنتهي .. وفي الآخرة يعذبهم بالنار .. أجابني بسرعة (استغفر يابن الحلال .. مايجوز هالكلام) .. أجبته (تعرف الشيخ الكلباني؟) .. أجابني .. نعم معروف ، قلت له أن الشيخ الكلباني كان سعيداً عندما اختير لإمامة الحرم المكي وقال في لقاء تلفزيوني (أنا سعيد لأني أعلم بأن الله لن يعذب شخص أم المصلين في الحرم ) .. فأنا أقول مثله أيضاً .. سكت لوهلة .. ثم صرف الموضوع بعبارة بعيدة عن حديثنا .. (الظاهر برجع أجيب العوال من المدرسة .. فيهم ربو) .
وصلنا مبنى الأحوال وجلست أتأمل المدخل وعشرات (كتاب المعاريض) يتناثرون مؤكدين تخلف واقعنا في المؤسسات الحكومية .. ولا ألوم من يلجأ لهم حقيقة لأن من يدخل المبنى فسيضيع حتماً لعدم وجود إرشادات .. الأمر لا يستحق عناء السؤال والبحث وتعبئة الاستمارات دامك ستضيع مزيداً من الوقت وأنت بحاجة إلى كل دقيقة لإدراك أرقام التسجيل .. عدت لكاتب المعاريض وأنا أتخيل المشهد أمامه (صحفي يعد نفسه مثقفاً – رجل طاعن السن سبعيني – سيدة لا تعرف القراءة والكتابة – شاب صغير بالكاد عمره 15 يود استخراج بطاقة للمرة الأولى) ، كاتب المعاريض كان في أزهى صوره .. أسمر كسمار خالد مسعد .. يرتدي نظارة شمسية (أم 10 ريال) رائحة معطر الحلاقة (عطر الليمون) تفوح منه .. في قمة الأناقة راسماً تشخصية بنت البكار .. كاركتر مدهش بحق .. وفوق ذلك كان يبتسم ويتضاحك مع زبائنه .. حتى أني عندما قلت له أن يكتب مسمى المهنة (صحفي) .. ضحك وقال (الحين انت صحفي وجاي تصف .. ماعندك واسطة 🙂 ).. !
دخلت الصالة الكبيرة وسحبت رقماً .. كان رقمي 711 والرقم المعروض في الشاشة 502 .. التفت يميناً فوجدت عشرات الأشخاص متكدسين بشكل غير منظم في كراسي الانتظار .. والتفت يساراً لأشاهد ثلاثة موظفين فقط يعملون في الخدمة فيما بقية النوافذ التسع لا يتواجد فيها أي موظف .. أخذت نفسا عميقا.. وعرفت بأني أمام المهمة المستحيلة .. وأيقنت حينها أن المؤسسات الحكومية هي التي تفشل في سن الأنظمة وتنظيم العمل .. ببساطة مارأيته هناك هو (قمة الفوضى) .. ربما أعود بعد حين .
ذكرت في تدوينة سابقة بأن التغيّر الوحيد الذي لحظته على نفسي عقب تجاوز سن الخامسة…
ربما لا تعلم وأنت تقرأ أسطري هذه، بأني أمضيت هنا وسط هذه الصفحات الإلكترونية بالمدونة،…
مايجمعني بصوت عبدالكريم عبدالقادر مختلف عن أي فنان آخر، سنواتي الأولى في القيادة كانت سيارتي…
بعد فترة تقارب 10 أعوام من السكنى في wordpress.com ، أعود مغرماً إلى عالم المواقع…
من حسن حظي أني حضرت المونديالات الثلاث التي شارك فيها المنتخب 2006 - 2018…
View Comments
و الله اذا أحد جاب طاري الاحوال اجلس اضحك .. لأن عشانها اخذت يومين اجازه يوم راح ع الفشوش وصلت هناك تسعه ونص مشخصة (بسبب جهلي بأنظمة الدوائر الحكوميه ) و أشوف العالم و الطاولات اللي بالشارع من جد تنحت زود ماني متأخره .. المهم دخلت قسم النساء الله يوريك بس ( كلمة حوسه قليلة ) الفوضى وَ الوساخة من جد الموظفات كيف متحملات ... طبعاً اليوم الأول لم يسعفنا الوقت لأننا أصلاً خرجنا نجر أذيال الخيبة وَ الفشيلة .. اليوم الثاني وصلنا هناك 7 أنواع الزحمة وَ الفوضى وَ أنواع المضارب كله عشان تاخذ الرقم وَ اللي تعطي الرقم ما غير تقول اللي ما معها جواز خلي ولي أمرها يسوي البطاقة عند الرجال ( و لا 20 الف مره تعيد الموال ) بس طبعا الحريم ما يستغنون عن السؤال حتى لو أنهم فاهمين ؟؟
المضحك أني أنا وَ أختي كانت ارقامن 442- 445 .. جتنا وحده قالت لو سمحتوا انا اوراقي ما اجهزت ورقمي 425 عطوني ارقامكم و خذوا رقمي ( رديت قلت هاااه لا لا .. قالت أختي شوفي رقم واحد ما نبي .. عندك رقمين ناخذ :) ) عطتنا الأرقام .. 10 د الا جا دورنا ( الحمد لله و الشكر ) بس مع ذلك أنبني ضميري لأني تعديت ناس في دورهم ( حسيتهم أحقدوا )
طبعا بعد ما انتهينا قالت أختي : البطاقة بعد كم سنه تتجدد ؟؟ قلت 10 سنين . قالت : أشوى :)
>> ما أدري ليش أحس أني قلبت التعليق تدوبنه .. يعني ثقلت العيار من زود الحماس :)
على فكرة أظن مذيعة البانوراما علياء القيسي لأني ما أخبر باتريسيا تطلع الصبح
آسفة ع الإطالة .. دمت بخير
نفسي أفهم اش لزمة الناس اللي برة يعبّوا لك الاستمارة ويكتبوا عن الواحد معاريض؟ يعني لازم نكتبها بالآلة الكاتبة!! وياريته بالكمبيوتر لااااااااااااااه بالآلة الكاتبة القديمة اللي من زمن جدي!! قد كدا خطوطنا ما تنقري؟
كل كوم واللي يبيعوا الشيكات كوم تاني! هدا كله عشان يغروك تدفع ٢٠ ريال زيادة ومايحتاج تصف طابور عند البنك!! طبعاً هدا في قسم الجوازات أيام تجديد الاقامات مدري عن الأحوال جهتكم :D
ما أحلانا هنا نروح الأحوال مانشيل معانا غير شهادة الميلاد للبطايق الجديدة والتجديد تروح ومو لازم تشيل معاك الا اصباعك عشان البصمة الالكترونية والتصوير عند الاحوال نفسها وتطلع لك البطاقة ممغنطة كمان :D
اهم شي يفتحون إداره للأحوال المدنيه في الدرعيه
عشان الواحد يطلع لها من عند ( خـ *** ) الباهلي ويخلص اموره في دقيقتين
ويطلع من عند فلل السوسن ويروح لبيتهم عاد
هههههههههههههههههههههههههههههه
نفس قصتي تمامً عندما ذهبت لكي أصدر رخصة قيادة , مع الأسف لايعرفون شيء يسمى نظام ,, بإختصار جداً الدور للأقوى والأقل أخلاقاً .. هذا بالنسبة للمراجعين , أما الموظفين فلا تسأل :) ,,,
يسلموا أحمد .. وكان الله في عونك ياعزيزي :)
أدهم
كل شئ الا مها سعود..
ماذا سيقول صديقي ابوعواض وهو الذي يهرب من كلاس الواحده ظهرا ليخلو بصوت مها سعود!!
لا ألومك فالرياض مدينه قاتله .. حتى مها سعود لايمكنها إضحاك ملايين شارع التحلية الغاضبين ..
لم تجرب متعة صوت الخليج بعد.. لذا أدعوا لك دائماً بأن تعيش سنة على الساحل الشرقي لتعرف معنى أن تتأخر على الدوام لأن أسماء المنور تغني حصرياً على صوت الخليج ..
أحمد لك الله .. سننتظر عشر سنين أخرى لتغير رأيك في مها سعود .. كم سيكون عمر ابوعواض حينها؟؟!
الله يكون في عونكم
ماتوقعت الوضع مأساوي كذا!
ياقلبي ياكتكت كم تشكي وكم تسكت
كنك داري انك بكتب هاليومين عن الاحوال المدنية والمرور
هذا يوم واحد وطلع منك موضوع .. اجل لو تداوم يومياً
وتمر على طريق فهد وش تقول وش تكتب ؟
صبراً يا عم
آآآآه يا أحمد :(
حاولت أنا قدر الإمكان أن أكتب عن هذا الموضوع وما استطعت ، حجم الألم والحقد أكبر من أي تدوينة
كيف الأحوال يا أحوال الرياض :(
زحمااات ولا فيه مواقف ، وعسكريين ثنين ، وواسطااااات ولافيه موظفين ونفوسهم في خشومهم
بس الحمد لله انها كل 10 سنين
بس فيه ملاحظة على الرد الأول
أما علياء القيسي !! كأنها قديمة مووو ؟
بانوراما طايحين الصبح في ابتهال ومحمد .. حليوين بس لا يفلوها واجد :D
خاربه البلد بقوه!!!!!!
بالله ذي حاله بلد من اغنى بلدان الكره الارضيه!!!!
شي يقهر
وش مصبرنا بالوجود هنا الا اهالينا وبس
كل شي اشوفه يزداد حنقي على وضعنا!!!!!!!!!!!!
لا ولا تذكرت ان لبنان طلابها باحسن مباني ببلدهم ودراستهم من الى على حسابنااااااااااااااااااااااااااااااااااا
الله بستر