أكتب هذه الأسطر بعد منتصف الليل وأنا في الدور التاسع عشر من فندق بعيد عن المدينة وتحيط به المياه من من الجهات الأربع ، بالكاد أسمع أصوات أطفال يلعبون بالأسفل ويتضاحكون فيما بينهم فيما ألمح عاشقين قرب البحر يتهامسان ، بجانبي جهازي المحمول وفيه تغرد السيدة أم كلثوم رحمها الله بأغانيها الجميلة .. من أجل عينيك عشقت الهوى .. سهران لوحدي .. سيرة الحب ، درجة الحرارة تميل للبرودة الجميلة في هذا العلو الذي تحس فيه بطعم الهواء وهو يدخل رئتيك .
الآن أطل من شرفة الغرفة ، الماء يحيط بالمبنى من كافة الجوانب وأقرب يابسة تبعد نحو 200 متر ، ناطحات السحاب تلوح في الأفق وكأنها قمم جبال بعيدة .
أنا منتشي ؟ .. نعم أنا منتشي ، تذكرت عبارة قالتها الكاتبة العظيمة (أحلام مستغانمي) في روايتها ذاكرة الجسد : ” إذا صادف الإنسان شيء جميل مفرط في الجمال .. رغب في البكاء) ، أنا أرغب في البكاء الآن .. لا أريد لليل أن ينجلي !
عندما أعود لصوري القديمة أتأمل الأماكن التي أظهر فيها وكأني أراها للمرة الأولى .. يا إلهي هل كنت في ذلك المكان فعلا ؟ .. كيف لم أحس بطعمه وكيف لم أشعر بقدماي وهي تقبل تلك الأرض ، أحرك الصور بسرعة حتى لا يزيد ندمي وحنقي لعدم تذوقي طعم السعادة هناك .
أسأل نفسي .. لو لم أصور في تلك القرية الصغيرة هل كنت سأقول ( ياه .. كم هي جميلة تلك الرحلة ) ؟ .. للأسف لا لأنه لا شيء يبقي ذاكرة الأماكن الجميلة سوى الصورة .. والصورة أولاً وأخيراً ، أؤنب ذاتي وكل جزء في داخلي لأني لم أستمتع وأنا هناك .. لم أردد سوى كلمات تقليدية نقولها في كل مكان جميل ننتقل إليه ، بل الأدهى والأمر أني الآن أتصفح صورا خيالية لأماكن ذهبت لها وأتذكر أني وقتها كنت أذم المكان نفسه إما لأن البيئة غير نظيفة أو أن الجو لم يكن مناسباً .. يالتفاهتي حقا .
بالعامية (هذا جوي) .. لا أريد أن أتحرك أو أخرج .. لا أريد أن تأتي الشمس وتحرق هذا الجمال وهذه السكونة .. انظر لشاشة حاسوبي وفيها صورة كبيرة للسيدة الراحلة أم كلثوم .. أتخيلها بجانبي على الطرف الآخر من الطاولة .. أفكر أن أقترب من شاشة الجهاز وأقبل رأسها .. حتى أني وبلا وعي .. أختار الأغاني التي أشعر بأنها تغني لي .. وحدي في هذا المكان .. يكفيني أن أنتشي طربا وهي تردد ( أنا وانتا ظلمنا الحب ) .. وفي هذا المقطع تحديداً :
أنا وأنت اللي كنا زمان أحب اتنين واحن تنين
وكان أكبر خصام بينا يدوب في يومين يا دوب في يومين
يا أحلام إني أبكي الآن .. أبكي وحيداً كالمجنون .. أبكي لأني أعيش وقتا جميلاً .. ودقائق أحس بها في قلبي وفي داخلي ، لا يهم بأن يلمحني أحد من شرفة قريبة .. ولا يخجلني أن اترك دموعي تصارع من أجل أن تسير فوق خدي .
أحب البحر وأعشقه وأعتبره أكبر نعم الله على أي مدينة بحرية ، أحسه أحيانا كشخص أبكم لا يستطيع الحديث .. فقط يستمع لداخلك دون أن تضطر أن تحادثه .. فضفض له دون أن تحرك لسانك .
سأغلق نافذة المدونة ولي عودة في الصباح .. سأراجع الكلام وقد أحذفه تماماً .. بل ربما أضحك على حالي !!
* تحديث من الرياض * : لن يحذف !
ذكرت في تدوينة سابقة بأن التغيّر الوحيد الذي لحظته على نفسي عقب تجاوز سن الخامسة…
ربما لا تعلم وأنت تقرأ أسطري هذه، بأني أمضيت هنا وسط هذه الصفحات الإلكترونية بالمدونة،…
مايجمعني بصوت عبدالكريم عبدالقادر مختلف عن أي فنان آخر، سنواتي الأولى في القيادة كانت سيارتي…
بعد فترة تقارب 10 أعوام من السكنى في wordpress.com ، أعود مغرماً إلى عالم المواقع…
من حسن حظي أني حضرت المونديالات الثلاث التي شارك فيها المنتخب 2006 - 2018…
View Comments
بوحك يجعلني أرغب بالبكاء ايضاً :) ..
ما اجمل البوح في لحظات الصدق مع النفس،نشعر من خلالها بمدى ضعفنا وشفافيتنا أو بالاصح مدى انسانيتنا،احترم شجاعتك لتغيير رآيك وفتح المجال للتعليق فأصدق أوقاتنا هي أثناء عزلتنا مع انفسنا وتدفق مشاعرنا،مبدع أنت في كل حرف كتبته ،ابكيتنا معك واستطعت أن تجعل من ذكرياتي كشريط يدور في مخيلتي فرآيت لحظات من حياتي وشخوص اثروا في، اوصلتني ذكرياتي لقمة السعادة ثم التأمل فالنشوة وبعدها وصلت لقمة الآلم لأن الشريط توقف فأخذت اتلفت حولي فوجدت أني لازلت على أرض الواقع وأن هذه الذكريات من الماضي فداهمتني موجة من الكآبة ,هل علمت مدى تأثير ماكتبت فبعد كل ذلك تقسو علينا وتمنعنا من مشاركتك بوحك ثم تصدر قراراً ديكتاتورياً بأنك قد تصادر حروفك ونسيت انك لم تعد تملك هذا الحق من تلك اللحظة التي وثقت بنا واشركتنا معك.
اشكرك لتغيير رأيك ورهافة مشاعرك ومدى انسانيتك التي اكتشفناها مابين سطورك.
أول شئ الحمدلله على السلامة و مثل ما يقولون welcome back :)
ثانياً سعيده جداً بانك لن تحذف الموضوع لأنك سطرت به مشاعر صادقة خسارة أن تذهب سدى
ثالثاً .. اخاف أن أقول وصفك بليغ لدرجة أنك جعلتني أعيش تلك اللحظة ( تقول انني ابالغ ) لكن في الواقع هذا ماحدث .. جعلتني أعيشه لحظة بلحظة و استمتع ببكاء جميل لا ضرر فيه سببه أنك تعيش أوقات جميلة وَ رائعة تشعر وَ كانها تجتاحك وَ أنت مستسلم مستمتع بها .. ( في الواقع أراه أجمل شعور )
" إني أبكي الآن .. أبكي وحيداً كالمجنون .. أبكي لأني أعيش وقتا جميلاً .. ودقائق أحس بها في قلبي وفي داخلي ، لا يهم بأن يلمحني أحد من شرفة قريبة .. ولا يخجلني أن اترك دموعي تصارع من أجل أن تسير فوق خدي " .. أهنئك على هذه الشجاعة وَ هذا الصمود
أحمد .. دوماً متألق في كتاباتك ( بدون مبالغة :) )
عزيزى احمد لقد قرأت اخر صفحاتك مرات و مرات وتمنيت الا تحذفها لان ما كتبته هو وجدان الانسان الذى لا يشعر به غيره وجدان الانسان الذى يفرق بينه وبين اى كائن آخر وصفت بصدق الشاعر واجدت التوصيف لنا اشكرك كثيرا لمشاركتنا لك فى بكائك وفرحك
كنت أراهن على حسك الديمقراطي يارجل.. وربما كان فوز أوباما دافعاً كبيراً للتخلي عن قرارك الجمهوري ياصديقي..
ربما تأخرت هذه العبارة كثيراً لكن يجب أن أكتبها كما كتبتها أحلام في الفوضى:
الصورة.. محاولة فاشله لتحنيط الزمن..
دامت محاولاك الفاشله.. عموماً فشل السود المتكرر كان طريقم لوصول اوباما..
دم بخير
ليس البحر سببا !
المستغانمية أحلام هي السبب
ستزداد جنونا وستغرق جمالا حتى الثمالة
سبع سنوات ولم أتحرر من هيمنتها
وصل بي الأمر أني أغرقت الصفحات عطرا كي تكتمل احتفالية حواسي بأكلمها !
من اليوم ستفكر بطريقة أخرى
بعبارة أدق تتحول إلى ورق شفاف أو بتلة وردة
أتوق إلى أن أبكي جمالا
مر زمن لم أذق جمالية تلك الحظات
هنيئا لك
أحب البحر وأعشقه وأعتبره أكبر نعم الله على أي مدينة بحرية ، أحسه أحيانا كشخص أبكم لا يستطيع الحديث .. فقط يستمع لداخلك دون أن تضطر أن تحادثه .. فضفض له دون أن تحرك لسانك .
تشبيه رائع من مقال غايه في الروعه ..
سلمت يمينكـ ,,
والحمدلله على السلامهـ .. نورت الرياض ..
<< المبزره اللي ازعجوك وقت كتابة المقال ..
:(
انا من متابعي مدونتك و معظم الي تكتبة احبه ما بقول كل شي عشان ما انافق و لكن معظمه حلو و ممتع .
احيانا الكلمات ما تسعف الانسان عشان يعبر عن الي في داخله فتكون دمعه او بسمه اكثر تعبير منم الف كلمه .
استمر بالكتابه لان كتاباتك ما تنمل
صباح الخير ..قرأت الموضوع وكانت التعليقات ممنوعة لااسباب ،،فتكونت لدي الصورة التالية ،اولا احمد وحالة البكاء مش راكبة على بعض آسف تعودت عليك صاحب اسلوب ساخر وقوي "صورتك وانت تقول انا منتشي ،،،مع الاعتذار الشديد الى الان تولدت فكرة شخص ثمل يصيح في الشوراع باعلى صوته ليسمع الناس عن عظيم نشوته ".انا اعرف تمر على المرء لحظات يتمنى فيها وقوف الزمن عند تلك اللحظة التي يكون فيه في قمة سعادته ،اكيد لن تتكرر في الرياض هذه اللحظة ؟ حمدا لله عى سلامتك
الحقيقه أستاذ أحمد
كنت أتمنى من أعماق قلبي إنك فاتح التعليقات في نفس اليوم ... ( في حرّتها :D )
المهم وش صار على الكلاسيسكو حق شؤشؤ ؟؟ جاب العيد ؟؟
المايك مع ابو ناصر الآن .. يايطب في بطنك .. يا انه يصير حنيّن معك عشان المطر والخير