أطلت يارا بنت أحمد على وجه الحياة في الثانية و ٣٧ دقيقة من ظهر الثلاثاء الرابع من مارس، حسناً كثير من الأمور تغيرت هذه المرة، الترقب والربكة والخوف والقلق وبفضل الله كانت أقل بكثير مما كان عليه الحال عند مجيء فهد، هنا الخبرة تلعب دورها كما يقولون، حتى في الإجراءات الاعتيادية كان كل شيء معلوم .. بفضل من الله وتوفيقه.
كثيرون يسألون مالفرق بين فهد ويارا، الفرق كبير وكبير جداً، ففي ولادة طفلك الأول أنت تشهد المعجزة، من كائن كان يعيش داخل إنسان آخر يخرج للحياة بكل تفاصيلها. مجرد الخروج من الظلام إلى النور كان مشهداً خالداً من الصعب إدراكه إلا حين تعيش دقائقه، كيف يخرج بربكة ثم يصيح بلا سبب وكأنه يريد أن يجرب صوته ويسمعه.
الحياة تركض كما أقول دائماً هنا في هذه المدونة، لو عدت إلى بضع صفحات وتحديداً ماكتبته مطلع العام ٢٠٠٩ فستتذكر أنني صرحت بنيتي بأن أؤجل مشروع الزواج قليلاً، وماحدث أني خطبت في شهره الثالث وتزوجت في شهره الحادي عشر، والآن في سنوات قليلة أصبحت مسؤولاً عن عائلة تضمني وثلاثة أشخاص آخرين، هذه هي الحياة باختصار تعطيك أكبر دوماً مما تتخيل.
دعوني أحدثكم قليلاً بدعائي الدائم بأن يرزقني الله بابنة، وحتى ولو خشيت أن يقرأ فهد – عندما يكبر – هذه الأسطر فقد يغضب قليلاً، قبل زواجي بفترة قصيرة، شاهدت فيلماً (لم أعد أتذكر اسمه) ولكنه كان يحكي تفاصيل كثيرة يعيش فيها أب يعاني من حياة صعبة، وكانت ابنته الصغيرة هي الملجأ له عندما يعود إلى منزله، أدهشتني هذه الفتاة الصغيرة وتمكلني احساس – وقت المشاهدة – بأن البنت هي أحن على والدها وقلبها متعلق فيه أكثر .. تشربت الفكرة تماماً وغسل الفيلم دماغي.
بعد ذلك بعامين وفي أحد مولات دبي، كان هناك رجل يعاني من صداع قوي كما يظهر لي، كان ابنه الصغير يزيد ألمه ووجعه بقفزاته هنا وهناك وضجيجه المستمر، ولكن الابنة الصغيرة كانت أكثر حنية، فقد طلبت من والدها أن يجلس لتمسح رأسه المتألم، أعجبني وأدهشني تصرفها وهي تسير معه وكأنها ممرضة متخصصة لا طفلة صغيرة، لاشعورياً أخرجت هاتفي – بوقاحة ربما – لألتقط المشهد الذي ترى صورته رأس هذه التدوينة.. هنا قلت ياربي .. ارزقني بابنة.
لحظة تحديد جنس فهد قبل ولادته، كنت متشرب الفكرة تماماً وعقلي الداخلي يقول بأن الطفل هو فتاة لا ولد، ولحظة الفحص لازلت أتذكر الممرضة الفلبينية وهي تبارك وتبتسم (مبروك ولد) .. أسقط في يدي وجلست متفاجئاً، ليس رفضاً معاذ الله ولكني كنت موقن تمام الإيقان بأنها طفلة وكان إحساس كبير بنسبة ٩٩٪، لازلت أتذكر ملامح الممرضة التي استغربت معلقة (لي ١٥ سنة في السعودية وأول مرة أشاهد رجل يغضب من أنه بكره ولد).
جاء فهد وملأ حياتي بالسعادة، وهاهي يارا تطل بخجل، بوادرها الأولى تقول بأن (لسانها طويل) صياحها أكثر من فهد وعتبها – عند الجوع – أصعب وأمر، كنت معجب بكنية غازي القصيبي (أبا يارا) الاسم جميل وخفيف ويتماشى مع اتفاقي وزوجتي بأن تكون أسماء الأبناء قصيرة وميسرة وأن لا تزيد عن الأحرف الأربعة.
يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ
– إضافة : هذه قصيدة غازي القصيبي لمن طلبها:
وتبسم يارا
فيرقص قوسا قزح
على مقلتيها
وينفلت الفجر من شفتيها
ويبسم حتى الجدار
وتضحك يارا
فيعلو هديل الحمام
وتصدح فيروز للمستهام
ويكمل عرس النهار
وتعبس يارا
فقف يانسيم
وغب ياربيع
وضع يافرح
ذكرت في تدوينة سابقة بأن التغيّر الوحيد الذي لحظته على نفسي عقب تجاوز سن الخامسة…
ربما لا تعلم وأنت تقرأ أسطري هذه، بأني أمضيت هنا وسط هذه الصفحات الإلكترونية بالمدونة،…
مايجمعني بصوت عبدالكريم عبدالقادر مختلف عن أي فنان آخر، سنواتي الأولى في القيادة كانت سيارتي…
بعد فترة تقارب 10 أعوام من السكنى في wordpress.com ، أعود مغرماً إلى عالم المواقع…
من حسن حظي أني حضرت المونديالات الثلاث التي شارك فيها المنتخب 2006 - 2018…