العودة إلى القديم الذي لم أجربه يوماً 

قد يكون أحد أكثر الأسئلة التي تصلني من الزملاء والأصدقاء بعد تجاوز سن الخامسة والأربعين، عن الذي تغير في حياتي بعد هذه السنوات، وفي الحقيقة أجد معاناة كبيرة في الإجابة عن السؤال لأني أعتقد بعدم وجود أي تغير يستحق الذكر.

الأمور التي أحبها لازلت أطاردها وأبحث عنها بنفس الشغف، والتعلم واكتشاف الجديد لاسيما تقنياً مازال وربما أكثر، بل وحتى ألعاب البلايستيشن التي ألعبها منذ سنوات لازلت أتابع اصداراتها الجديدة قدر الإمكان.

من المؤكد أن هناك أمور تغيرت دون أن أشعر، خاصة في ظل المسؤولية بإدارة منزل مع زوجة وثلاثة أطفال وعاملة منزلية وسائق، ناهيك عن الأمور العملية المرهقة التي يزداد ثقلها يوماً بعد آخر وتحيلني كل يوم في حسبة البحث عن التقاعد المبكر الذي مازال أمامي سنوات لبلوغه.

هناك أمر واحد فقط بدأت أحس بتغيره بشكل كبير، وألمس فعلاً بأن اهتمامي فيه مختلف تماماً عن السابق، ألا وهو الذائقة السمعية ، وذائعة تذوق الأطعمة والمأكولات.

فعلاً أحس بتغيير كبير وأنا أعود إلى القديم والإرث النجدي حتى ولو كان في أمور لم أعشها مسبقاً وأنا طفل، ففي سنواتي الأولى لم أكن مثلاً أحرص على سماع العرضات على سبيل مثال (وأقصد هنا العرضة السعودية)، كل ما أذكره من ذكريات هو أن والدي أطال الله في عمره يبحث عن حضورها في الأعياد ويستمتع بمشاهدتها في التلفزيون، وكنت أشاهدها فقط حينما يشارك فيها الملوك الذين يعطون بعداً آخر للعرضة السعودية، والأمر نفسه في الشيلات الفلكلورية القديمة (وليست شيلات النشاز في وقتنا الحالي)، لم أنشأ أبداً على سماعها ولا أعرفها ولا أذكر يوماً أن أشقائي الأكبر مني كانوا يسمعونها مثلاً في سياراتهم.

حالياً وفي كثير من لحظات التذمر التي أشعر بها – أحياناً – ، أحب أن أسمع شيئاً مختلفاً من القديم، وخاصة (مني عليكم يا اهل العوجا سلام .. ) وأنا أتقبل منك – عزيزي القارئ – وأنت تسمعها أن تحس بكونها ليست إلا صوت نشار جماعي بالطبول ولا ألومك حقيقة على ذلك لأن هذا هو شعوري نفسه عندما أستمع إلى الفلكلور الآخر الذي تحسب سماعه، بينما ما أسمعه في العرضة .. هو قمة التناغم الموسيقي والطربي ؟

أما الشيلات القديمة، فاسألني عن شيلات أحمد القرعاوي، والتي أجد لها خيالاً واسعاً لا ينتهي مع الكلمات والأوصاف المليئة بالحكم .. اسمع مثلاً ( يامل قلب يسج وفيه دولاجه) .

أما بالنسبة للأكل تحديداً، فالمأكولات الجديدة والديكورات البراقة التي غزتنا في الرياض مؤخراً لا أذكر يوماً أنها أثرت علي، وأحياناً أشعر بأن جميع محلات مطاعم البرجر متشابهة جداً والاختلاف بينها لا يكاد يذكر، ومطاعمي المفضلة هي التي أحبها من 10 سنوات وأكثر، ويكفي أن مطعم الشاورما المفضل لازال (ماما نورة) رغم ظهورات العشرات والعشرات من المطاعم الجديدة التي تركز على الديكورات والتغليف ، ومطعم الرز المفضل مازال شواية الخليج

أكتب هذه الأسطر فجر السبت وأنا أبحث عن مطاعم شعبية في جدة لأجربها في رحلتي الأسبوع المقبل .. لأول مرة أرتبط بمهمة في جدة لمدة اسبوع، فترة طويلة جداً تستحق تجربة المطاعم الشعبية وجدة مشهورة بها .

أطلت عليكم .. إلى لقاء قريب

رد واحد على “العودة إلى القديم الذي لم أجربه يوماً ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *