مرحلة وعدت .. خابت آمالي في فكرة التدوين ومستقبله، حتى عهد قريب وقبل أن يأتي القاتل تويتر كانت المدونات تعيش عصرها الذهبي .. كل يوم مدونة جديدة وأفكار مختلفة ، حتى بلغ الأمر أن نختصر الكثير منها في قارئ الخلاصات الخاص بجوجل .. لم يكن الوقت كافياً للإطلاع على كل مايطرح.
الآن ومع عصر الشبكات الاجتماعية سقط التدوين من عرشه وصدقت توقعات كثير ممن كان يقول بأن التدوين مرحلة موضة سرعان ماسيتنازل عن مكانه نظراً للتطور التقني اليومي، أصبح التدوين ماضياً مثل غرف الدردشة والمنتديات .. وكما ترون لم يبق إلا قلة قليلة حفظت ماء وجه التدوين ، حتى أكون صريحاً بقيت النخبة التي أنشأت التدوين بغرض الكتابة لأجل الكتابة .. وتساقط الغالبية ممن أنشأ المدونة لأجل أن يقول لدي مدونة.
أعترف كنت مراهناً على التدوين وكنت أتوقع بأن الأمر سيتطور وسيكون الحال كما هو في أمريكا، يشتهر المدون ويزور مدونته عشرات أو مئات الآلاف وتتناقلها المواقع والقنوات، أول الأمر حدث لدينا أشبه مايكون بذلك وبدأت أسهم بعض المدونين في الصعود وكسب الزوار وخطف الأضواء .. ولكنها فترة لم تستمر .
في اعتقادي بأن المدون في كثير من الأحيان يعاني من الإحباط خاصة في حال عدم قدرته على نشر المدونة لتصل لحدود وآفاق أخرى، فهو سيضل حبيس زيارات أصدقاءه وقرائه المقربين الذين يتابعونه في الفيس بوك أو تويتر ، وربما حين يتأمل عدد قراء تدويناته سيصاب بالصدمة أكثر عندما يجدها لم تتجاوز الخانات الثلاث في أحسن الأحوال .. وربما أقل.
ولو مررنا على عدد من المدونات السعودية أو العربية وقرأنا أسماء المعلقين لوجدنا أنهم هم مدونون آخرون والأسماء فيما بينهم متكررة ودائرة الزوار الجديد قليلة جداً فكأنما ندور في حلقة، الأمر لا يختلف عن موقع تويتر الذي ينفخ فيه البعض وكأنه الموقع الأول للزوار في درجة التأثير بينما لو تعمقنا أكثر من ناحية الأرقام والمتابعين فالكل سيجمع على سبيل المثال بأن المتابعين الدائمين من السعودية – مثالاً أقول – قد لا يتجاوز ألف أو ألفي مستخدم وأقصد المتابعين شبه اليومين وليس فقط من لديه يوزر .
لماذا فشل التدوين ؟ وهل سيكون هناك أمل بعودته مجدداً ؟ .. فكرت أكثر من مرة لإيجاد إجابة على هذا السؤال وفشلت غير أنني أعجبت ذات مرة بإجابة قرأتها حول أننا كمستخدمين عرب بدأ تفاعلنا يصغر في الانترنت .. في البداية كانت غرف الدردشة والتواجد لساعات طوال من الكلام ، ثم المنتديات والنقاشات المطولة والردود المتوالية ثم المدونات بمواضيع محددة ومركزة ومباشرة ، ثم الفيس بوك والصور والتعليقات الجانبية .. ثم القاتل تويتر بمئة وأربعون حرفاً .. فقط لا غير بلغة الشيكات.
الرأي الآخر أن مستخدم الانترنت يبحث عن الجديد دوماً ولا يريد أن يبقى في نفس الدائرة، مرة محادثة .. وأخرى منتديات .. وثالثة فيس بوك ورابعة تويتر .. والقادم مذهل وهذا مؤشر أكثر خطورة خاصة أن هناك من يتعلق بدائرة لا يستطيع الخروج منها فكأنه يعيش في كهف والآخرون يعيشون في غرف مكيفة، تخيلوا مرة دخلت على برامج محادثة قديمة جداً كان لدي فيها يوزر في عام 1999 ولازالت مليئة بعشاقها الذين لم ينتقلون للخطوة الأخرى .
الرأي الثالث أن أدوات الأنترنت أصبحت أكثر سهولة مقارنة بالسابق، قبل عشر سنوات أو حتى أقل كان من يستخدم الانترنت غالباً شخص محترف متمكن من أدواته التقنية ويجرب كل جديد ، بينما الحال الآن أن من يعرف كيف يشغل جهاز الكمبيوتر أصبح يدخل الانترنت ويقرأ وهذه الطبقة غير قادرة على إنشاء مدونة او المشاركة فيها .. لذلك تتجه للقراءة والمشاركات القصيرة .
الرأي الرابع هو اكتشاف مؤيدي الاعلام الجديد والانطلاق والأبعاد الغير منتهية – بالمناسبة أنا منهم – بأن ترديدهم لمفهوم (الحرية) كان مجرد كذبة تناقلوها ، وعندما جاء وقت الجد ذهبت هذه الشعارات، ولغياب الحرية سأتوقف عن طرح المزيد من التعريف 🙂 .
الرأي الخامس هو تسيس توجه المدونات لاسيما في دول مثل مصر والكويت، فأصبحت كلمة مدون تعني بأن صاحبها ناشط إصلاحي أو ذو توجه سياسي حتى ارتبطت كلمة التدوين بمصطلحات سياسية وإصلاحية وقد كتبت محذراً من هذه النظرة بتدوينة عنوانها (إنهم يسيسون المدونات) في التاسع من يوليو 2009 .
رأيي أنا أستطيع أن أقول بأنه مجموع الآراء الواردة أعلاه وأضيف عليها صفة (الجلد) – بفتح اللام – والتحمل .. لأن الكثير منا لا يملك هاتين الصفتين فيكتب بحماس أول الأمر ثم لا تلبث المدونة إلا وتنطفئ في أقل من سنة .
كل المنى بأن تعود الموضة .. لسابق عهدها وأفضل .
ذكرت في تدوينة سابقة بأن التغيّر الوحيد الذي لحظته على نفسي عقب تجاوز سن الخامسة…
ربما لا تعلم وأنت تقرأ أسطري هذه، بأني أمضيت هنا وسط هذه الصفحات الإلكترونية بالمدونة،…
مايجمعني بصوت عبدالكريم عبدالقادر مختلف عن أي فنان آخر، سنواتي الأولى في القيادة كانت سيارتي…
بعد فترة تقارب 10 أعوام من السكنى في wordpress.com ، أعود مغرماً إلى عالم المواقع…
من حسن حظي أني حضرت المونديالات الثلاث التي شارك فيها المنتخب 2006 - 2018…