علمتني الحياة : كن محبوباً

هل يمكن أن يتعمد شخص أن يجعل الآخرين يكرهونه؟ .. هل السؤال أطرحه بيني وبين نفسي حينما أتأمل حال أشخاصاً يعيشيون حياتهم وكأن أحد أهدافهم أن يكرهوا الآخرين فيهم.
لا أدري هل هو تعمد أم (طبعٌ) يغلب على الشخصية، لكن ذلك هو أحد أهم الدروس التي استفدتها من مخالطة الآخرين وتلافي سلبياتهم، الدرس الأول (كن محبوباً) أو على الأقل (حبب الآخرين فيك).
نتفق بأن مثل الصفات الحميدة لا يمكن أن تجتمع كلها في انسان واحد، فلا يوجد شخص كامل أبداً ..فأن تصبح شخصية محبوبة ذلك أمرٌ مرتبط بعادات أو أفكار أو (كاريزما) لا يمكن لأي أحد أن يجمعها، ولو كان ذلك متاحاً لأصبح الكل محبوبين مبتسمين طوال اليوم ناسين هموهم وآلامهم .
لكن على الأقل ادرس حالك مع الآخرين، لماذا تكره الموظف (أ) ولماذا الجميع يتفق على عدم مجالسة الموظف (ب) ولماذا لايوجد أحدٌ يحب الموظف (ج).. ادرس أحوال هؤلاء الموظفين ولماذا يكرههم الجميع أو الغالبية حتى لا نعمم القول .. ببساطة تلافى سلبياتهم حتى لا تكون مثلهم وتكون شخصاً مكروهاً .
أن تكون محبوباً ذلك أمر يدخل في الطبع العام وهي ميزة لا تتوفر إلا لشخصيات نادرة، لكن أن تحاول (أن تكون محبوباً) فهذا أمرٌ ليس صعباً على الإطلاق وثق بأنك متى ماوصلت لهذا الحال فهو سيفتح لك أبواباً مغلقة ويجعلك ذا حضور وقبول لدى الآخرين .
* أطلق ابتسامتك : رغم أن ذلك من أهم الدروس التي يحث عليها الدين الاسلامي إلا أن الكثير يبخل في توزيع الابتسامة هنا وهناك، يدخل دوامه وهو مقطب الجبين واضعاً عينيه في شاشة جواله، ربما يصل إلى مكتبه ويفتح جهازه دون أن يلقي تحية السلام أو يصبح على الآخرين .. مالذي يمنع أن يبتسم في وجه رجل الأمن أمام البوابة وموظفو الاستقبال .. ويصبح على زملائه في الطريق إلى مكتبه .. هل ستنقلب الدنيا رأساً على عقب .. حسناً ليس بالضرورة أن يكون ذلك في بداية الدوام لأن المزاج قد لا يكون معتدلاً .. لكن ماذا عن بقية اليوم !
* لا تخلق لك عداوات : ليس بالضرورة أن تحب كل الناس، ولو كانت علي أنا لصرحت بالشخصيات التي لا أطيقها ولا أحبها، لكن هذا الكره لا يجب أن يتحول إلى عداء ويوصل الأمر وكأنه (حرب ضروس)، إياك ثم إياك أن تكون لنفسك صراعات وتفتح عليك جبهات خلاف مهما كانت الأسباب ..
احفظ للآخرين الود والتقدير والاحترام من مبدأ (عامل الناس كما تحب أن يعاملوك)، فلان في القسم الفلاني لا تطيقه (خير شر) لكن هذا لا يعني أن تمازحه أو تضحك في وجه أو تلقي التحية عليه .. الحال لا يصل للمقاطعة النهائية !
* ابتعد عن التحزبات : من إحدى سلبيات العمل لدينا في المملكة والوطن العربي ككل هي كثرة التحزبات و(الشللية) التي يدعمها الصداقة أو القبيلة أو المنطقة، ألحظ الكثير يتلذذ بدخول التحزبات في عمله وكأنه أمر لا مفر منه (القصمان مع بعض .. وأهل الجنوب مع بعض .. والعتبان مع بعض .. الخ)، صحيح أن التحزبات والشللية قد تحقق نجاحات متى مالقيت حضور من شخصيات قيادية تدعمها في المنشأة إلا أنها على المستوى البعيد بل حتى على مستوى (البعد الانساني) غير صالحة أبداً لتكون في مسيرة حياتك، تواصلك مع أي حزب أو شلة حتى ولو كان بشكل غير معلن يجعلك تصنف مثلهم .. فالذي لا يحب (أهل القصيم) فستكون تحت مظلة هذا الكره وعلى ذلك فقس.
الانسان المحبوب والموظف الذي يفضله الجميع هو من يتواصل مع الكل بنفس الروح والفكر والحب أيضاً .
* لا تتدخل في عمل الآخرين : من الجميل أن تقدم أفكارك واقتراحاتك لزملائك في قسم آخر بل هم ربما يسعدون بذلك الاهتمام، لكن تذكر أن لا تزايد في الأمر وتظهر وكأنك (عريف زمانك) وتتجاوز مفهوم النقد وطرح الأفكار إلى التدخل المباشر في صميم عملهم لأنك ستحكم هنا على نفسك بالاعدام، أتذكر مرة قبل نحو 6 سنوات كنت مع ثلاثة محررين آخرين نقوم بتقديم صفحة اسبوعية منوعة تتضمن حواراً يعده زميل في قسم آخر، الشاهد أن هذا الزميل كان يقترح فكرة في كل مرة وكنا نتقبل ذلك لأن العمل قائم على طرح وتناول الأفكار الجديدة، لكنه تجاوز صلاحياته عندما اكتشفنا يوماً أنه كان (يفتح الصفحة) بعد البروفة النهائية من جهاز الإخراج ويعدل في حواره ويغير الصور والعناوين قبل موعد الطبع بساعات مستغلاً أنه هو من أجرى الحوار وهو أمر ليس من شأنه إطلاقاً فدوره يتوقف عند تسليم المادة فقط، في ذلك اليوم زميلي الذي كان معي استشاط غضباً .. لم يفكر في ضربه فقط !! بل كان يقول لي وهو في قمة عصبيته (والله لأقتلووه) 🙂 .. لأن العملية فيها مسؤولية وخطورة كبرى، بعد أيام اكتشفنا بأن هذا المحرر يقوم بعمل هذه المهمة مع كل الأقسام فقلت لصاحبي حينها (الآن اكتشفت لماذا لا يطيقه أحد)
* يابخت من زار وخفف: في أماكن العمل الجميع يأتي لمتابعة مهمته، قد يمنح لنفسه وقتاً للضحك والمزاح مع زملائه وهو أمر محمود ومطلوب لزيادة روح التواصل بين الموظفين وتقليل ضغط العمل، فيزور مكتب هنا ويلقي التحية على زملاء في مكتب هناك .. وهكذا ، لكن لتجعل الآخرين يحبونك ويتمنون زيارتك .. خفف من وقت الزيارة، فمهما كان قبول الآخرين لك فهم لن يتقبلوا أن (تقلب المكتب مقهى)، أتذكر مرة أن زميلاً دخل علينا وطلب ريموت الرسيفر وأخذ يقلب بين القنوات كما يشاء (كان فيما يبدو يعطي لنفسه وقت راحة) ثم سحب كرسي وجلس واتصل على عامل القهوة وطلب قهوة .. ثم (حط رجل على رجل) وأرجع مسند الكرسي للخلف .. وأخذ يتجول بين قنوات رياضية وغنائية لا تناسب بيئة العمل إطلاقاً .. (هذا وشلون بالله بيخلي الناس تحبه)، غنيٌ عن القول بأنه بعد أن خرج من المكتب بثوان حتى تعالت الصيحات بين الزملاء (من عطاه الريموت) .. ياشباب (لاتعطونه وجه) ! ، أحمد الله على أنه في قسم بعيد عنا وبالكاد نراه مرة في الشهر !
* أشد بالآخرين : ليس بالضرورة أن تكون مديراً أو مسؤولاً حتى تشيد بأحد زملائك، أي زميل في أي قسم آخر يقدم عملاً جميلاً أو ينفذ مهمته بطريقة ذكية سيكون من الجميل أن تزوره أو على الأقل (تطل على مكتبه) وتشيد بعمله .. صدقني بأن مجرد أن تقول كلمات بسيطة سيكون لها وقع كالسحر عليه .. فهو بعد انجازه العمل ينتظر مثل هذه الإشادات على أحر من الجمر، اجعل نفسك مكانه وتخيل ردة فعلك تجاه من يشيد بعملك .. صدقني ستحبه من أعماق قلبك ، أذكر هنا أن أحد الزملاء مبدع دوماً في عمله وأصبحت أخجل أن أمر على مكتبه لأشيد بموضوعه بين كل فترة وأخرى .. بعد عدة مرات قررت عدم زيارته لأنه (تعود على الابداع ماشاءالله) .. بعدها لاحظت أنه أصبح يرسل لي رسائل SMS (أحمد وش رايك بالموضوع ..) أصبحت أكرر الزيارة له وأصبح يسعد بها أكثر ويطلب الدخول والجلوس ..ربما هو لم يحبني لشخصي بل لأني كنت أحد القلائل الذين يشيدون بعمله .. أقرأ ذلك من عينيه.
* الثقل زين : جميل أن تكون صاحب نكتة أو روح فكاهية عالية .. لكن أيضاً هذه أيضاً حالها لا يختلف عن حال (الشعرة التي تفصل بين العبقرية والجنون)، أن تترك ضحكات تتعالى في كل وقت ..هذا يقلل من درجة احترامك لدى الآخرين، وليس كل الناس يعشقون صاحب النكت وخفة الدم .. مرة .. مرتين .. ثلاث مرات قد تكون مقبولة .. لكن أي أمر (إذا زاد عن حده سينقلب ضده) ، ستتحول حينها إلى (انسان غثيث ومزعج) .

هذا مالدي .. وأكرر القول بأني لست خبيراً أو مطلعاً .. بل هي نتاج تأمل لموظف سيكمل عامه العاشر قريباً <<< شايب

admin

View Comments

  • صباح الخير أستاذ أحمد...

    نصــــائح رائـــــــــعة..

    وأحب أزيد على كــــــلامكـ أنه عندمـا تــــكون إنســـان مكروه من قبل شخص ما هذا ليس بالضروره أن تكون على

    خطأ , ربما تكون أنت على صواب وهو يكره الصواب...

    وما ننسى مقولة (رضا الناس غاية لاتدركـ)

  • ما شاء الله ..
    عشر سنوات أخرى سعيدة مفيدة بإذن الله..
    مؤخراً فقط تعلمت الإشادة بالآخرين وليس في العمل فقط..
    كانت النتائج تعود علي حالاً .. ولا أقصد سعادتي بسعادتهم فقط ..
    شكراً لك..

  • ١٠ سنين موظف ماشاء الله!! يا انت شايب :P

    بيئة عملك تشجع على الابداع بشكل كبير خاصة انها تعتمد على العطاء أكتر من التلقّي، عكس بيئة عملي للأسف والتي تعتمد على الاشادة من قِبل العملاء وليس المدير أو رؤساء الأقسام..
    بيئة العمل المريحة هي التي تنتج موظفين متماسكين ومتعاونين على عكس بيئة العمل التي تعتمد على التنافس الكبير.. صحيح أنه كان لدينا نشاط في قسم المبيعات وغيرها من خلال مسابقة تعتمد على استقطاب أكبر عدد من العملاء وأعلى قيمة في فتح حسابات وغيرها، جعلت الكثير يتنافسون في هذا الأمر، لكن ماذا عن بقية الأقسام؟
    الأمر الآخر، أن تكون اجتماعياً بالحد المقبول هذا يتطلّب معرفة طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه.. بعد سنة كاملة في هذه الوظيفة لاحظت أن الأغلبية يركّزون في اعمالهم واجتماعاتهم والمشاريع المنوطة عليهم (ومحد فاضي يضحك) وينقبلون ١٨٠ درجة في فترة الغداء أو بعد فترة الدوام أو في الرحلات التي نكون فيها مع موظفي البنك، أجدهم أناس مختلفين مرحين وإن كانوا أقل إزعاجاً منا :D

    "دخل دوامه وهو مقطب الجبين">>>ذكرتني بواحد بلاش نحش فيه اليوم زي ما حشينا فيه قبل :P

    tow thumps up bro :)

  • أهلاً يا أحمد

    صباحك سكر وعسل

    وبالنسبة لملاحظاتك فهي ممتازة جداً، لكن المشكلة عند الآخرين ، فحينما تحاول أن تخلق لك البيئة المناسبة، تجد الآخرين يتجاوزونها ويخترقون كل ما تضعه من باب : لنا سنوات بالعمل وما صار إلا كل خير :)

    لكن يا أحمد بحكم خبرتك شلون الواحد يستطيع أن يصنع لنفسه البيئة المناسبة ؟! وذلك وفق رؤيته وأفكاره

  • وآتسبديه بس !!

    غايبٍ لك فتره

    وآخرتها تطوير ونصايح يالمايسترو عثمان !!!

    أحمد أنا ما ألوم ابو ناصر أبد يوم إنه يشب فيك

    وخصوصاً هجومه اللا أخلاقي على قولتك على رسائل الجوال +18

    كــُــــــلــــــَــــــــــنــــــــَــــــــا عـــِـــــــيــــــــال قــــِـــــرَّيــــــّـــــــه :D

    إرمييييييييييييييييييييييييي

    على فكره ترى شؤشؤ سوا تعديل بسيط في الكلمه

    من : إرميييييي

    إلى : إدييييييييييييييي ( بتشديد الدال )

    ههههههههههههههههههههههههههههه

  • المحبة من الله... لا تستطيع ان تكون محبوبا لدي الجميع، و لكن تستطيع ان تجعل العديد يذكرونك بالخير... او العكس.
    ولكن ماهي حكاية حلبة الرمياية؟

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    جميل جدا
    اتفق معك بشده في الاشادة بالاخرين وطريقة ادائهم لاعمالهم مفتاح جميل ، بالذات اذا كانت بيئه العمل كوكتيل من كل بلد لون .
    التدخل في عمل الاخرين ايضا مصيبه كبيرة تخلي زميلك يبحث ربما عن اخطائك ويرصدها حتى لو كنت حسن النيه

    انا في الفترة الاخيرة اصبحت اوهب نفسي للمكتب طوال 9 ساعات عمل ،بمجرد انتهاء الدوام اخرج وانسى الشغل يعني طوال ما أناخارج ساعات العمل مالي دعوى ربما ما يساعدني ان عملي لا يتطلب روح الفريق الجماعي الذي يجب ان يكون اعضائه على وفاق من اجل سير العمل والارتقاء الوظيفي.

  • -أطلق ابتسامتك :-) > لطالما وجدت ثمرتها مع الناس

    -لا تخلق لك عداوات > فعلاً البعض من الناس ماينطاق ,, من وجهة نظري (التطنيش) وسيلة فعالة وغير جارحة للتعامل مع الغير مرغوبين ..

    -ابتعد عن التحزبات > في المملكة والرياض خاصة بعد 4 سنوات دراسة قضيتها بها تكاد تهيمن هذه الجزئية على الناس اجتماعياً بشكل واضح إن لم أكن أبالغ حتى بين المثقفين وطلبة العلم والمتدينين ..
    -لا تتدخل في عمل الآخرين > أو فعلاً ستجد نفسك وحيداً ..
    -يابخت من زار وخفف > في وقت الدوام خاصة في أوقات الضغط أقول يابخت من سلم من بعيد وتوكل ! :-)
    -أشد بالآخرين > وستجد مفعولها حقاً يرجع لك ولهم .
    الثقل زين > بمعنى كن موزوناً وإلا أجحفك الناس حقك ..

    ابدعت ياأستاذ أحمد شكراً على هذه النصائح المفيدة ..

  • جميلة جداً كلماتك يا أحمد , إستوقفتني كثيراً , خصوصاً أنني أشاهد الكثير ممن تشاهدهم أنت , من الذي هدفهم أن يكرهوا الناس بهم مع الأسف ,,
    شكراً لك أحمد :) ,,,

    أدهم

Share
Published by
admin

Recent Posts

كيف أنقشع من الماضي 🫣

ذكرت في تدوينة سابقة بأن التغيّر الوحيد الذي لحظته على نفسي عقب تجاوز سن الخامسة…

10 أشهر ago

مرحباً 2024

ربما لا تعلم وأنت تقرأ أسطري هذه، بأني أمضيت هنا وسط هذه الصفحات الإلكترونية بالمدونة،…

12 شهر ago

غريب .. شخصية الصوت الجريح الفريدة

مايجمعني بصوت عبدالكريم عبدالقادر مختلف عن أي فنان آخر، سنواتي الأولى في القيادة كانت سيارتي…

سنتين ago

العودة إلى ووردبريس .. مجبراً

بعد فترة تقارب 10 أعوام من السكنى في wordpress.com ، أعود مغرماً إلى عالم المواقع…

سنتين ago

مرحبا 2023

      2022 إحدى السنوات التي مرت بسرعة، وأعتقد أن مرحلة التعافي من كورونا…

سنتين ago

منتخب أفضل مما نتوقع

  من حسن حظي أني حضرت المونديالات الثلاث التي شارك فيها المنتخب 2006 - 2018…

سنتين ago