موسكو من الداخل
لم أفكر يوماً أن أزور موسكو، ولم أتخيل يوماً بأن أطأ أرضها، لا لشيء إلا لعلمي المسبق بأنها دولة غير سياحية، سكانها غير ودودون، بنيتها التحتية دون المأمول.
ولا أقول سوى أن الصناعة الإعلامية الأمريكية ساهمت في تصوير جزء من هذه الصورة، حتى جاء مونديال كأس العالم وتحصلت على فرصة الحضور بحكم عملي.
نقاط كثيرة منها السلبي والإيجابي، سأوجزها كما يلي :
- شوارع نظيفة (جداً) : زرت أكثر من 16 بلداً لا أبالغ بأن أقول بأن موسكو هي واحدة من أنظف المدن التي زرتها، عملية تنظيف الشوارع مذهلة وجزء من الحياة اليومية أن تشاهد شاحنة التنظيف تقوم برش الشارع بالماء وتجليه بأدوات بنفس السيارة، والأمر نفسه بعربات صغيرة فوق الأرصفة، والأمر يبدو جزء معتاد وليس خاصاً بكأس العالم
- الشعب ودود : مفاجأة أليس كذلك ؟ الشعب متعاون جداً جداً وودود جداً، في كل مكان بالشوارع والمطاعم والمحلات، حتى عندما نحتاج التواصل مع تطبيق ياندكس الشبيه بـ (أوبر) كنا في البداية نجد حرجاً فيما لو اتصل السائق يستفسر، لاحقاً أعطي الجوال لأقرب شخص أمامي ويتعاون بكل سرور، بل بعضهم يبقى ويطيل الوصف لو أضاع السائق المكان.
- أمان بشكل يفوق الوصف: في بادئ الأمر كانت تصلنا تحذيرات بعدم السير ليلاً، عندما وصلنا اكتشفنا أن هذا الأمر مجرد كذبة، المدينة لا تنام خصوصاً وأن الشمس تغرب متأخراً في حدود ٩ز٣٠ وتبدأ في الشروق قرابة الثانية والنصف، نخرج كثيراً بعد العاشرة لتناول العشاء من المطاعم أو الساحات الكبيرة مشاة .. ولم أجد يوماً شعوراً بعدم الأمان بل بالعكس تجد الجميع يمشي بما في ذلك النساء .. ولا شيء ملفت للنظر وفيما يبدو أنهم معتادون على ذلك، عن نفسي بعد إقامة اسبوعين أقول بأنها آمن مدينة مقارنة بمدن أوروبية أخرى.
- الميترو : قصة جبروت تحترم، ميترو ضخم ومحطاته هائلة ولا أذكر أني انتظرت دقيقة حتى يصل القطار التالي – ربما زادوا عدد الرحلات خلال المونديال – لكنه ميترو جبار بمحطاته التاريخية تحت الأرض ، هذا المقطع يشرح المزيد.
- مناطق سياحية قليلة: في موسكو أماكن سياحة نادرة .. ولعلك رأيت أن كثير من البعثة السعودية عادوا بعد المباراة الثانية لأسباب متنوعة، لكن من بينها تسرب الملل، لا توجد أماكن باستثناء شوارع المشاة الشهيرة أو الميادين الجماهيرية.
- لغة إنجليزية تساوي صفراً : غالبية الشعب لا يتحدث الإنجليزية ولا يعرف حتى كلماتها البسيطة، وللمرة الأولى يصادفني هذا الأمر ويبقى الطلب من المطاعم أمراً متعباً إلا في مطاعم الوجبات السريعة أو الفخمة حيث ستجد واحداً أو اثنين يتحدثون الإنجليزية، عداها يلزمك تطبيق say hi الذي فادني بشكل كبير جداً في التواصل ولو لكلمات سهلة جداً .
- التسويق كذلك يساوي صفراً : تجربة المونديال وفي روسيا عكست ضعف التسويق بشكل عام للبطولة، لا شيء يوحي بالمونديال إلا في بعض الأماكن العامة، بل حتى الشركات الكبرى – مثلاً شركات الاتصالات – عندما تدخلها لا تشعر بوجود كأس العالم أو عروض خاصة ونحو ذلك، شركات الطيران الداخلي كانت غائبة ولم يستثمر تنقل الجماهير في تقديم عروض أو إغراءات.
- تأخير في الطيران : ركبت الطائرة مرتين في رحلات داخلية (وتبقى رحلة)، جميعها بقينا داخل الطائرة لمدة ساعة وأكثر دون حتى اعتذار أو تبرير، وفيما يبدو كأن الأمر معتاد لديهم، أسوأ بقليل من تأخير الطيران الداخلي الأمريكي المعتاد، وبشكل عام هم ليسوا دقيقين في الوقت ، ولديهم مثلنا جملة (عشر دقايق) وفي النهاية يبلغ الأمر نصف ساعة، كتبت النقطة تحديداً بعدما سألت أكثر من شخص معي لأن تجربتي غير كافية
- أكل لذيذ: في المجمل والشكر لتطبيق فورسكوير الرهيب، الأكل هنا لذيذ جداً – متى ماتوفقت في مطاعم جيدة – وإن كنت من محبي الستيك – مثلي – ستجد مناك هنا
- شوارع مخططة: إن كنت مثلي تعتقد بأن أحد ملامح المدينة المتقدمة هي أن تكون شوارعها مخططة فستجد العجب في موسكو، كل مكان وكل شارع مخطط بشكل جميل ورائع وأكثر وضوحاً حينما يتعلن بخطوط المشاة، والدهشة أكثر أن التخطيط كذلك في شوارع الأحياء الداخلية، أو حتى الممرات التي لا يتجاوز عرضها خمسة أمتار.
- الانترنت : أكثر العقبات التي واجهتني ضعف شبكة الانترنت عبر الجوال، جربت في أماكن مزدحمة وأماكن خالية، من النادر أن يكون الاتصال مناسبة، والسرعة في كل الشركات التي جربتها أشبه بسرعة السلحفاة، كبرت في عيني الشركات السعودية التي تقدم خدمات جوال بسرعة رهيبة، حتى ولو أغضب هذا الرأي الكثير منكم لكن أتحدث من تجربة مسافر ليس مقارنة بموسكو فقط، مشاهدة سناب شات هنا (تجيب المرض) .
- حياة أخلاقية على أعلى مستوى: لا أقول مقارنة بمدن أمريكية أو أوروبية، بل للأسف مقارنة بمدن عربية: الوضع هنا أخلاقياً مثالي بشكل يفوق الوصف، أعلم بأن هناك حياة ليلية وقصص لا تنتهي، لكن من إقامة أسبوعين لم ألحظ أي تجاوز أخلاقي على الإطلاق ولا حتى دعوات غير مباشرة، ولبس النساء – بالمقياس العالمي – مقبول، باستثناء السياح أو المشجعات.
- خضرة وأشجار عملاقة: يساعدهم الأجواء الجميلة بكل تأكيد، هواة المشي ستكون موسكو غايتهم، الأرصفة في الغالب على مستوى واحد – لا يوجد طلوع ولا نزول – والممرات طويلة جداً (تتحدث عن ٤ كلم مثلاً) متصلة، وغابات الأشجار تكسو المدينة في كل جانب، معدل المشي الذي أبلغه يومياً يقارب ٦ كلم وفي أيام يزيد (مثل يوم مباراة الأوروجواي مشيت لين قلت آمين ) .
- سانت بطرسبرغ: كلمة السر في الرحلة، قيل لي إذا لم تزرها فكأنك لم تزر روسيا، للأسف لم أتمكن لارتباطي العملي بموسكو، لكن إن كنت ستذهب عليك بزيارتها تبعد ساعة ونصف بالطائرة، ونحو ٤ ساعات بالقطار.
- تطبيقات تحتاجها في روسيا: تحويل عملة – say hi للترجمة المباشرة – تطبيق الميترو – ياندكس شبيه أوبر (يلتزم رقم جوال روسي)