الإبداع مرتبط بـ (الجو العام )
أؤمن تماماً بأن ابداع الشخص في الغالب ليس أمراً مقتصراً عليه وحده فحسب، بل هي مجموعة عوامل يشاركه فيها الزمن والمحيطين حوله.
أتأمل حال محمد عبده الآن وأنا أكتب لكم هذه الأسطر بينما أستمع لأغانيه في الثمانينات .. صوتك يناديني .. وهم .. محتاج لها .. وغيرها، أغانٍ خالدة لا يمكن أن تغيب عن سمعك أبداً سيما (صوتك يناديني) والتي يسبقها مقدمة موسيقية خالدة .
كثير من أطراف تلك الأغاني أحياء يرزقون، محمد عبده وصوته الذي لا يشيخ، بدر بن عبدالمحسن الذي لا زال يواصل تقديم الآمسيات وخالد الفيصل أيضاً .. الملحنون عبدالرب أدريس وآخرون مازالوا يمدون الساحة بألحانهم .
كل هؤلاء ومبدعون آخرون في الساحة لكن محمد عبده أصبح لا ينتج إلا أغانٍ سيئة مسلوقة في الغالب، وفي الحفلات يضطر للعودة للأغاني القديمة التي يؤمن هو بأنها أفضل ماقدم .. نستطيع القول بأنه أفلس تماماً في إنتاج جديد يستحق.
لماذا ؟ لأنك عندما تسمع الأغاني القديمة مثل (صوتك يناديني) تعلم يقيناً بأن المنتج النهائي مر بساعات وساعات من التنقيح والتسجيل وسهرات لتغيير الجمل اللحنية، سأرفق لك مقطع يوتيوب يبين لك الدقة التامة في التسجيل بين طلال مداح ومحمد عبده وخلفهما الملحن الجبار محمد شفيق .. تأمل كيف كانت الجملة تعاد مرات ومرات للوصول إلى أفضل صيغة، قارنها الآن بأي أوبريت جديد وتأمل فيه حال المغنين وهم يحركون شفاههم في كلمات أخرى لأنهم لا يحفظون الأوبريت (فقد سلقوه ربما في يوم التسجيل مرة وحدة) .
[youtube https://www.youtube.com/watch?v=7brlzi2GMEY?rel=0&w=560&h=315]
مثال آخر .. عندما نتذكر لاعبونا القدامى ونتحسر على أيامهم، هل لو كان ماجد عبدالله موجوداً في نادي النصر الآن (في زمن تويتر والفضائيات ) هل سيصمد في هدوئه المعتاد أمر سيركب الموجة ؟كيف ستتخيل حساب يوسف الثنيان في سناب شات بعد المباريات أو أثناء التمارين.
حتى في بيئة العامل، لا يمكن أن تستقطب شخص مبدع وفنان في مجاله وتضعه في بيئة غير مناسبة سواء من موظفين آخرين .. أو أن تلاحقه بنظام البصمة ومواعيد الدخول والخروج، أنت تجزم بأنه شخصية إبداعية لكنه وضع في البيئة الخاطئة.
لذلك لا تترحم على أيام المبدع فلان وعلان، كان الجو العام والبيئة في وقتهما تساعدان على تقديم الإبداع، ولو أعدت أحد الناجحين الآن لعصرهم لربما فاقهم في الإبداع.
اترك تعليقاً