إعلامٌ لا يمثلني
يضيق صدري أحياناً وأنا أتابع المواقع الإعلامية أو الصحف اليومية، تأثير استقطاب الزوار الإلكترونيين أصبح الفيصل الآن، كلٌ يبذل جهده قدر مايستطيع رغبة في الحصول على أكبر عدد من الزوار وانتشار الروابط في كل الشبكات الإجتماعية.
هذا التأثير الحاصل والذي يقضي بأن (الترافيك) سيد الموقف حول الإعلامي إلى الصف الثاني بعدما كان يتصدر المشهد، وأصبح التقني الآن قائداً للعملية وموجهاً لخط سيرها .. هل تريد زيارات وإعلانات ورفع مايسمى بـ (الرانك ) .. إذن عليك أن تتجه نحو العناوين ذات الروح الصفراء والإثارة قدر الإمكان في التغريد ونشر الرابط.
لا أخفيكم بأن هذا الأمر أصبح هاجساً بالنسبة لي، رغم سهولة الأدوات الإعلامية الآن إلى أن التوجه للصحافة الجادة والعمل الإعلامي المشرف أصبح نادراً، صحيفة مثل الشرق الأوسط تعد مدرسة في الصياغة والعناوين والأساليب تئن من هجر المتصفحين لموقعها، الموقع العربي لبي بي سي التي كانت تصنف يوماً بأن الجامعة الإعلامية الكبرى التي يجب لأي إعلامي أن يصطبغ قلمه بنهجها أصبح موقعها ربما يمر أيام وأسابيع دون أن ترى أحداً نقل عنها مقالاً أو مادة صحافية.
أصبح الهاجس الآن في عناوين (أحلام تهاجم راغب علامة) .. و (أسطورة الكرة بين ماجد وسامي) .. وغيرها من المواد التي لا تشبع ولا تغني من جوع سوى بأنها تستقطب (كلك) من زائر أو تويتة من آخر، والعدوى انتقلت للوسائل الأخرى فلا يمكن أن تجد سعودياً راضياً عن طرح الإذاعات (الماسخ) أو القنوات العربية المتنوعة رغم محاولات شبكة الجزيرة.
هل الآن متجه نحو الأسوأ ؟ في اعتقادي نعم .. سنتجه نحن الأسوأ نظراً للانفتاح الكبير الذي ولدته شبكة الانترنت، والدخلاء على المهنة الذين لم يتدرجوا يوماً في أعمالها .. لكن السؤال الأهم هل ذلك سيستمر ؟
بكل تأكيد لا .. ، سيعلم الناس يوماً أن التعاطي الإعلامي بهذا الشكل غير مجدي، ستبقى معطيات (الصحافة الصفراء) ولكن بشكل مشابه للإعلام الأمريكي مثلاً .. سيكون هناك إعلام جاد رزين بغض النظر كان محايداً أو لا .. ، السؤال الأهم متى سيكون ذلك ؟
التحليل الأقرب سيكون خلال أعوام قليلة عندما تتورط المؤسسات الصحافية بالإصدار الورقي الذي سيكون مكلفاً دون نتيجة تستحق، وستلتف إلى الأعمال الألكترونية أكثر وقد تحدث نقله حينها