مبدعون في وطني لم يأخذوا حقهم (1)

 

في وطني السعودية .. تقف الكثير من العوائق أمام المبدع ، صعاب وحواجز وأفكار ورفض يجده الشخص الخلاق المبتكر في حياته وعمله ، ولكن ورغم كل ذلك ، أفخر بأن هذا الوطن يقدم في كل حين مواهب ومبدعين في شتى المجالات ، ولا يتوقف الزمن يوماً عن تخريج دفعات إبداعية جديدة ، وأصدقكم القول بأني لاحظت خلال السنوات الخمس الاخيرة ( سنوات طفرة النت ) أن هناك مئات المبدعين الذين يبحثون عن أنصاف الفرص كما يقولون حتى يصلوا للصف الأمامي واستغلوا النشر الالكتروني في إيصال أفكارهم وإبداعاتهم .
المشكلة أن هناك مبدعون يتواصلون بأفكارهم ونشاطهم ولكنهم وللأسف لا يحظون بالتقدير أو بأقل القليل من حقهم ، وهؤلاء عادة يتحملون وزر ذلك كونهم يترفعون عن التقرب لوسائل الإعلام أو يفضلون العمل .. بصمت وهدوء .. من يتابع كان بها ومن لم يتابع فلا فرق .
أتمنى أن تسعفني ذاكرتي بين حين وآخر في تسليط الضوء على هؤلاء المبدعين الذين لم يأخذوا حقهم في التقدير والاحترام وسأحاول ما أمكن التنويع في مجالات متنوعة حتى ولو كانت متجاوزة للخطوط الحمراء كما يعتبرها البعض .

في الإعلام : الكاتب الشاب عبدالله المغلوث ، أسلوب فريد وفكر متجدد ، في غضون سنوات أعتقد بأنه سيكوّن مدرسته الصحفية المستقلة متى ما احترف العمل الصحف وترك (أرامكو وأخواتها) ، جرب أبحث في جوجل عن اسمه بين علامتي تنصيص “عبدالله المغلوث” وتمتع بقراءة أفكاره ومقالاته ، المغلوث قدم أجمل تقاريره حينما كان يدرس في الولايات المتحدة من خلال صحيفة إيلاف الكترونية ، كنت أقرأ مايسطره وأنا أنتظر عودته لأرض الوطن لتقديم تحقيقات وتقارير مشابهة ، لكنه انشغل فيما يبدو بـ ( أرامكو) واكتفى بمقال اسبوعي .
لو كنت رئيساً لتحرير الوطن لنقلت مقال المغلوث في الصفحة الأخيرة عوضاً عن تركي الدخيل الذي لم ينجح في المقال اليومي ، قارنوا الضجيج الذي يولده الرطيان وأمثاله وقارنوه بما يطرحه المغلوث .

تأملوا هنا ببعض مما يخطه المغلوث

في الموسيقى : في رأيي أن وطني يضم مبدعاً لو عاش في زمن عبدالوهاب وأم كلثوم وتعلم في تلك الفترة فسوف يكون عملاق موسيقي لن يقل شأنا عنهم ، لست متخصصاً في جانب الموسيقى لكني عندما أستمع لأي أغنية لحنها (ناصر الصالح) يذهب فكري وخيالي إلى البعيد .. البعيد ، جمل موسيقية خلاقة ، يملك (روحاً ) فريدة في التلحين وشخصية مستقلة متجددة ، يكفي أن تسمتع إلى روائع أبو نورة (بنت النور – اعترف لك – الأماكن) أو أغنيتي راشد الفارس (نعم ألفين – المدينة) لتعرف كم هو مبدع هذا الشخص ، ناهينك عن عشرات الأغان التي قدمها مطربون آخرون ، يقولون جملة متكررة ان فلاناً سبق عصر ، وأنا أعكسها هنا وأقول بأن الصالح تأخر عن عصره ، أحياناً أفكر بيني وبين نفسي حينما أستمع لألحانه ، كيف تولد هذا الحس الإبداعي الموسيقي من شاب بسيط عاش حياة تقليدية بين نخيل الأحساء !

في التدوين : عندما أتجول في المدونات بين حين وآخر ، يأسرني هذا الفتى وأتوقف كثيراً عنده تدويناته وصوره الجميلة ، ياسر الغفيلي مدون سعودي تخصص في التصميم والتصوير وأبدع حقيقة في هذا الجانب ، يقضي إجازته حالياً في سويسراً وينقل لنا أجمل الصور يومياً كما تحفل رسائله في (خدمة تويتر) بتدوينات سريعة جميلة ، ياسر يحظى بعدد زيارات كبير ومتابعين دائمين لكني لازلت أرى بأنه لم يأخذه حقه كما يجب من قبل محبي التدوين ، تابعوا ياسر واشكروني .
عندما أتواصل بالماسنجر مع أشخاص غير سعوديين أفخر كثيراً عندما أمنحهم روابط لمدونة ياسر الغفيلي أو مدونة أقرب البعيد ، عندما أدخل مدونتي لأثرثر وأكتب هرطقاتي السطحية ، أشعر بالخجل حينما أقارنها بما يقدمه ياسر وحسن .
مدونة ياسر الغفيلي

في التمثيل : كلما شاهدت الممثل السعودي (محمد الطويان) يأتني شعور بأنه شخص أمي لا يقرأ ولا يكتب ، أحسه أنساناً بسيطاً يعيش حياة عادية مليئة بالتقليدية، ولكن عندما أتأمل تمثيله أبهر حقيقة من الأداء الكبير الذي يقدمه ، أنا متأكد بأنه ليس عاشقاً للتمثيل أو متابعاً لأفلام السينما العالمية ، لكنه يمثل كما يقولون (بالسليقة) يقدم الأدوار بشكل حقيقي وليس تمثيلي ، تم إكتشافه من جديد بعد سنوات في حلقات طاش خلال الأعوام الخمس الأخيرة وقدم أدواراً لايمكن لأي ممثل آخر تأديتها .
الطويان للأسف لا يحظى بأي تقدير على المستوى الثقافي أو الفني في البلد ، بل ويندر أن تجد مقالاً أو خبراً يتحدث عنه فيما يملأ حسن عسيري وأمثاله صحافتنا وإعلامنا .
هذا رابط لجزء من حلقة المدانة في طاش ، وفيها قدم الطويان أجمل أدواره

في التقليد : ربما يكون هذا أكثر المبدعين في وطني الذي لم يذكر اسمه على صفحات أي جريدة ، في منتصف التسعينات الميلادية عاش شاب سعودي اسمه (محمد السليم) ازهى فترات حياته حينما كان يصدر أشرطة تقليد بطريقة بدائية ومن أجهزة تسجيل عادية في منزله ، لكن تلك الأشرطة كانت تنتشر بسرعة رهيبة حتى أن لا أذكر أن هناك سيارة في ذلك الوقت خلت من شريط تقليد أو نكت لمحمد السليم ، كان المعد والمقدم والمغني والمقلد ومخترع النكت .. كان كل شيء ، لو منحت له 10% من الإمكانيات التي قدمت لداوود حسين مثلا لمبلغ مبلغاً من النجاح لن يستطيع أي شخص تحقيقه ، وكما هو حال الإصدارات غير المرخصة كانت كثير من أطروحاته تتجاوز الخطوط الحمراء ( الإخلاقية) لكن ذلك لم يمنع محبيه من متابعته وشراء أشرطته ، للأسف عندما أستمع للأطروحات التقليدية القديمة التي يقدمها عبدالعزيز الهزاع (أم حديجان) والمسلسلات السطحية والضجة الإعلامية التي يحفل بها أتحسر على موهبة السليم التي غابت أو (غيبت) ، لا أدري ماهو مصيره الآن .. هل مازال يقدم أشرطته أم توقف ، من الشخصيات التي أتمنى أن ألتقي بها في حياتي .

جرب واستمع لبعض من جنون السليم في هذا الرابط

18 رد على “مبدعون في وطني لم يأخذوا حقهم (1)”

  1. الله عليك يا احمد ..
    موضوع في قمة الروعة .. قدرت تسطر بعض من لم يكن
    لهم نوراً ساطع كفايه .. فعلاً مبدعين ولا شك في ذلك ..
    ربما اخذتهم من باب وجهة نظر .. ولكن اعتقد ان هناك مبدعين
    آخرين .. ربما ستذكرهم في تدوينتك القادمة ..

    فوتك بعافيه 🙂

  2. كفكره أتفق معك 100 % بغض النظر عن الأسماء المذكوره في المقال

    ثلاثة أسباب لم تجعل هؤلاء الأشخاص يأخذوا حقهم من وجهة نظر شخصيه

    الإعلام

    الجهة المعنيه

    الشخص نفسه !

    الأولى والأخيره هما الأقرب

    الإعلام فرض علينا عيـّـنــــات اللهم لك الحمد والشكر بس !!

    والأشخاص الموهوبين بإختصار شديد ( مُهملين ) !

  3. يبدو أنك تسلك أسلوب عبدالله في بحثه عن مبدعي الوطن و إبرازهم لنا في مقالاته ..

    الجيل الجديد بحاجة إلى أمثلة ناجحة من أبناء و بنات وطنه و لا يحتاج إلى كثير من النقد !

    شكراً لك .. و سأكون هنا دائماً !

  4. الكاتب عبدالله المغلوث ، لم أتعرّف عليه إلا وقت عيد الأضحى الماضي .. !
    ومن حينها وهو يكون غالبا ضيفي مع وجبة الفطور لصباح الجمعة .. !

    الفكرة التي سار بها ( سير ناجحين سعوديين ) ، والتصوير الذي يمتلكه في النص ، والتنوع المطروح في مقالاته ، هي أسباب نجاحه بنظري .. !
    وحتى وإن خرج فإنه يُلّفت الإنبتاه دائما كمقالة ( سكيكو الآخيرة ، ادشنه بالخنصر ، شخير سلوى ) .. !

    ما شاء الله عليه .. وننتظر موقعه الرسمي ..
    استكمل هذا الحس الراقي في فكرة التدوينة .. ،

  5. احلى المصادفات .. عندما اكون من المتابعين الشغوفين لمدونة احمد .. وفجأه يكتب مقال
    عن احد ابناء عمومتي ..
    كم شعرت بالسعاده عندما قرأت اسم عائلتي في مدونتك يا احمد ….

    انا وكعادتي لا اعلق على المواضيع .. ولكن اليوم اجبرت !! .. اجبرتني حكمة القدر !!

    دمت بود .. اخي احمد !

  6. هلا أحمد ،

    كعادتك تدوينة جميلة ،
    كل ما ذكرت جميل وأتفق معك بأن هناك مبدعون لا يأخذون حقهم لأن هناك متسلقون يزاحمونهم بامتلاكهم للواو اللعينة .
    “عندما أتواصل بالماسنجر مع أشخاص غير سعوديين أفخر كثيراً عندما أمنحهم روابط لمدونة ياسر الغفيلي أو مدونة أقرب البعيد” فعلا مدونتين رائعتين تستحقان الإشادة ، بالنسبة لأقرب البعيد لديه حس في الكتابة يتعدى مراحل الإبداع ، أعتقد أنه في القادم من الأيام سيكون لقلمه صدى في الوسط الإعلامي .
    بالنسبة للأستاذ عبدالله المغلوث فأنا من المتابعين لمقالاته وتعجبني كلماته .
    ” قارنوا الضجيج الذي يولده الرطيان وأمثاله وقارنوه بما يطرحه المغلوث ” بما أني أعبر عن رأيي واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ، فأنا أختلف معك كثيراً في محمد الرطيان فهو لا يترك ضجيج حسب اعتقادي بقدر ما هو يكتب كلمات جميلة في غالبها تنويرية – أقول في غالبها – تستحق الإشادة .
    أخيرا .. شكرا أحمد بقدر العطاء الذي تقدمه

  7. صباح الخير

    مقال جميل ربما يكفي جميع من تحدثت عنهم ان يقروا انك اشدت بهم ربما هذا يكفيهم ، ان يعلموا ان هناك من يتابعهم بصدق .

    لايحتاج المبدع الى الاعلام الصاغب والشهرة ربما تاتيه كتتمه لمسيرته من دون ان يسعي اليها بشده او يبحث عنها ، ربما تكفيه فرصه واحده او ظهور اعلامي واحد لكي يترك بصمه واضحه لم يستطع غيره ان يحققها في سنوات .

    يعنى الموضوع يمكن سالفه حظ ونصيب وربما يكون اجتهاد ومحاوله الخروج من المحليه الى العربيه (يعني الواحد يروح القاهره ولبنان) شدعو الكل يريد يمثل .

    أتمنى ان توفر الفرص المناسبه دائما امام شبابنا العربي المجتهد والواعد ،ويحظون بدعم محلي مناسب ،وتصرف ميزانيات محترمه على كل المجالات ( مش الكورة بس )

  8. @ مشغول : بالفعل فيه مبدعين كثير ولو لاحظت اني كتبت (1) ، أتمنى أني اسوي جزء ثاني وثالث ورابع
    @ يزيد : هلا بك أخوي (أبو يزيد) .. ، بلاشك ان الشخص يتحمل جزء كبير وهذا اتفق معك فيها ، للأسف لازم تقدم تنازلات كثيرة عشان تطلع وتبرز

    @ محمد المغلوث : سعيد بمشاركتك ، والنقد يجب أن يكون في كفة متساوية بل وأكثر من المديح 🙂 .. وجهة نظر

    @ جمعان : بالفعل ننتظر موقعه على أحر من الجمر ، تخيل حاولت أبحث عن صور جميلة له لكني لم أجد سوى هذه الصورة .. وبصعوبة أيضاً ..

    @ أحمد المغلوث : أنا الذي أشعر بسعادة بزياراتكم .. سعدت بتواصلك

    @ خالد : شوف أقول لك على سر ؟
    تعمدت في كل فقرة أن أوجه نقداً حاداً لآخرين حتى لنفسي .. على الأقل أضمن أن مثل هذه التدوينة يتعذر نشرها في أي وسيلة اعلامية .. كما سيتعذر على من أشدت بهم أن يردوا الدين ويشيدوا بي 🙂 .. فمثلا عبدالله المغلوث لن يستطع الإشارة أو حتى الرد لأن التدوينة حفلت بانتقادات لزميليه 🙂

    @ Sara_82 : كلامك فيه من المنطقية الكثيرة ، ولن المبدع ليس بحاجة إلى إعلام صاخب بمعنى الصخب ، هو يحتاج لأن يتأمل يوماً آخرين ويقولون هذا مبدع .. هذا خلاق .. هذا يفكر خارج الإطار ، وأنا متأكد لو أقيم حفل تكريمي بالدروع 😀 فأن المذكورين أعلاه سيكونون أول الرافضين .. ، سعيد بتواصلك

  9. بالحق و بعيداً عن مناسبات الشكر و التقدير ..
    أستطيع أن أشتم و أرى بل و أتلمس قدر المبالغة تلك التي ذكر فيها اسم يشابه اسمي 🙂 ..
    ربما لو كان و أبدلت التقدير بضمير عائد على الذات لكان له من الحق أوفر الحظ و النصيب ..
    شكراً لما أفضلت به يـا ( صديق ) ..
    بل و كن على ثقة بأنه المكان الأوحد باللنسبة لي الذي يمكن أن أترقب جديده بين اللحظة باللحظة ..

    أراك بخير ..

  10. اهلين وسهلين احمد باشا 🙂
    كلهم تكلموا عن الكاتب عبد الله المغلوث،لكن نسوا حبيب الكل
    محمد سليم (f)
    اقسم بالله الآدمي ذا مهب صاحي اذكر كانت عندي الاشرطه بالسيارة
    واعيدها كل ماركبت ولا عمري مليت منه
    بعدين فيه ميزة انه مايحاول يتصنع الدور يعني يعيش الدور الى درجه تحس انه بدو
    ومره تحس انه افغاني :d واحيان حجازي
    بس اقسم بالله قهر غيابة عن الساحة :(.

    تحياتي لك

  11. بعيدن تعال انت ليه دايم تحب تعلقنا
    توعدنا انك تبي تسوي اجزاء ثانية ولانشوف شي !
    باستثناء “اجعل حياتك اكثر سهوله”
    تحياتي لك يابطل

  12. @ JUST HOPE : يخليك ربي وأشكرك على المتابعة

    @ أقرب البعيد : يسعدني ذلك ياحسن ، سعيد جدا بمرورك

    @ FARES : انا أشد منك .. أنا حافظ المقاطع حفظ ههههههه أيام الثانوي كل ما طلعت من المدرسة شغلته .. يازين ذيك السنين ، الاجزاء الواحدة صادق انت وأتمنى أني اكتب جزء ثاني وثالث ورابع

    @ ماسة زيوس : هلا بك وسهلا وأرحب بك في المدونة 🙂

  13. جزيت خيراً أيها الكاتب على الاهتمام بهذا الجانب وهو واقع مرير نعيشه للأسف . ولكن لدي ملاحظتان
    الأولى : لم تذكر أبداعات هامة تساهم في رفع المستوى الثقافي في الوظن وهما .
    الابداع في ترتيل القرآن ، الخطابة ، البحث العلمي ، الاستنباط الفقهي . المهارات العملية ، مثل الغوص السباحة ، الخباطة ، الطبخ . …صينانة الاجهزة الكترونية .
    الثانية : علينا أن نضع أي أمر ميزان الشرع فهل الموسيقى أمر يجب الاهتمام به ، بل هو أمر يجب إنكاره لأن الشرع حرمه فجاء في صحيح البخاري قول الرسول صلى الله عليه وسلم ليأتن أقوام من أمتي يستحلون الخمر والحرير والحر والمعازف
    أنظر إلى ألفاط الحديث : ساق المعازف مع هذه الكبائر وهو الخمر والحر أي الزنا . وكذلك قوله يستحلون ، أي أنها في الشرع محرمة فزين لهم الشيطان وسول لهم أنها حلال .
    فلماذا لا نركز على الجوانب الهامة في المجتمع و التي تكون سببا في النجاح في الدنيا والآخرة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *