سبعة أيام من العزلة

ربما كانت النتيجة خاطئة ؟ .. هذا هو التصور الأولي بعد أن تلقيت الرسالة بإيجابية الفحص ..

أعود معكم إلى الوراء قليلاً، الأسبوع الماضي تطلب الأمر رحلة عمل مفاجئة، وتطلب الأمر فحص pcr قبل الرحلة، فحصت وكلي ثقة لأني لم أعاني من أي عرض، وأنا في طريق العودة للمنزل تلقيت رسالة بأن النتيجة إيجابية ويتطلب الأمر حجراً لمدة أسبوع في المنزل وبعدها بقليل تغير لون (توكلنا).

في البداية كان الأمر يبدو مزعجاً لأن المدة تبدو طويلة، ولكن وأنا الآن أكتب لكم في اليوم الأخير تقريباً من الحجر، يظهر الأمر عكس ذلك ذلك تماماً، ولله الحمد – إن كانت نتيجة الفحص صحيحة – فلم أعاني من أي أعراض بفضل الله وكان هم الإصابة هاجساً لي طوال الفترة الماضية خشية انتقاله لآخرين ولكن الحمدلله مر بهدوء وانتهى بهدوء دون تأثيرٍ على أحد.

في الواقع شعرت بأن هذا الأسبوع كان في صالحي، تعودنا عندما نحصل على إجازة أن نزيد من حجم التسارع في حياتنا، حجوزات أو سفرات أو حتى مناسبات، لكن أن تتوقف كما تتوقف ساعة الزمن لمدة اسبوع تقضيها في المنزل .. أمر لا يتكرر – من غير شر – .

فترة الحجر المنزلي مريحة من الارتباطات بما فيها المشاوير المنزلية 🙂 ، الفارق الآن إحساسك فعلاً بأن يومك طويل ومشغول، تارة بمراجعة بريد العمل الممتلئ جداً وهي فرصة لحفظ الهام منه وإعادة ترتيب مجلداته، وتارة أخرى بالعودة إلى الهواية الأولى وهي فتح اللابتوب والإبحار في الانترنت بشكل عشوائي خارج إطار الشبكات الإجتماعية، وتارة بالعودة إلى جهاز البلايستيشن وإعادة ترميم فريقي في لعبة فيفا بالنجوم القدامى، وأخيراً إنهاء حلقات المواسم المعلقة في نتفليكس بما فيهامشاهدة الموسم الجديد من مسلسل after life ، وقبل ذلك كله مقابلة فهد ويارا وخالد لفترات أطول وأطول.

لا يوجد لدي الكثير لأقوله، لكنها حالة غريبة عشتها فرضت علي أن أدون ذكرياتها، خاصة بعدما أصبحت أعامل مدونتي كما لو كنت أعامل دفتر يوميات، أعود لأقرأ ذكرياتي القديمة ومشاعري المختلفة وآرائي الغريبة أحياناً.

مرحباً 2022  

كنت أفكر وأنا أكتب المسودة الأولى لهذه التدوينة، هل أضع لها عنواناً يختصر لي ذكراها عندما أعود إلى هنا بعد سنوات، أم أحاول أن استذكر أبرز نقاطها والنقاط المرتبطة بي خلال هذه المدة .. لتثبيت مفهوم أني أكتب تدوينة السنة كما هو كل عام.

لأن مابقي لي في هذه المدونة سوى قليل من الذكريات التي أكتبها عندما أتذكرها، مثل هذا اليوم ونحن على بعد يوم على وداع أول شهر من عام 2022 تذكرت بأني لم أكتب تدويتني السنوية .. لم يعد الأمر يغريني كما كنت أتشوق مسبقاً، ولم يصبح من أولى اهتماماتي ، كل مرة آتي إلى هذه الصفحات أعود إلى تدويناتي السنوية مطلع كل عام، أقرأ كيف كنت أفكر وإلى ما أتطلع ، آمالي البسيطة وقراراتي البدائية التي كانت ناتجة عن قلة خبرة وضعف تجربة وسوء حيلة.

ها أنا اليوم في العام 2022 موظفاً في مكان يملأ شغفي بالرياضة والإعلام،  وأباً لثلاثة أطفال وزوجاً لسيدة رائعة ومالكاً لبيت صغير وكل آمالي وطموحاتي أن أبني استراحة صغيرة بجانب منزلي وأفكر في تصميمها وتعديلاتها ليل نهار .. هل انتهيت ؟ .. أو هل حققت  ما أتطلع إليه فعلاً وأنا ابن العشرينات ؟

قد تظن بأني متجه للكتابة بسوداوية .. لكن .. القم ، سأقلب الطاولة في وجهك وأقول لك بأن الأمر عكس ذلك تماماً.

ربما مايزيد صعوبة التقدم في العمر والتصاعد في المسار الوظيفي هو كثرة المسؤوليات المباشرة، وليس كثرة المهام، وهذا الترابط في المسؤوليات والمتكررة بشكل شبه يومي مشكلتها أنها تزيد من القلق والتفكير أكثر من كونها مرتبطة بالتنفيذ والعمل وتسليم المطلوب، هي نفسها التي تكون مرتبطة بمسؤوليات العائلة والأطفال .. مهما حاولت وفكرت بعملية الفصل إلا ان المسار العملي يتحكم بك أكثر كونه مرتبط بالعشرات من حولك صباح كل يوم.

ماذا بعد .. بماذا من المفترض أن أحدثكم ، انظروا إلى لياقتي في الكتابة كم انخفض مستواها كثيراً مقارنة بالسابق ..

 تقنياً : دعوني أحدثكم عن تطبيق السنة   بالنسبة لي، وهو تطبيق todoist الذي يعمل على الآيفون والماك بالتزامن، هو تطبيق الحلم بالنسبة لي في إدارة المهام اليومية وتنظيمها ومتابعتها، للحق أدين له ولمبرمجيه الفضل في تنظيم أدائي العملي وترتيب مهامي وتوزيعها بين الأيام، قد أكون جربت العشرات من برامج إدارة المهام إلا أني وجدت ضالتي فيه لاسيما النسخة المدفوعة .

سياحياً: الحمدلله أني تمكنت من قضاء إجازة ممتعة قبل حلول محتور أميكرون، ذهبت مع زوجتي إلى باريس ومنها إلى المدينة التاريخية الجميلة شمال بلجيكا (بروج) بممراتها الضيقة وسكونها الرهيب، ثم إلى مفاجأة الرحلة مدينة امستردام في هولندا، وأصدقكم القول بأن هذا البرنامج الجميل لم أكن متحمساً له بشكل كبير خاصة امستردام، لكن المدينة أعجبتني جداً جداً خاصة وسط المدينة الرائع لهواة المشي بين الممرات المائية، يمكن أن سبب ارتياحي أكثر هو الشعور بأنك تتجول في أحد بلدات ولاية كاليفورنيا لكون الشعب يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ومهذب بشكل كبير جداً حتى في خدمة المطاعم التي أرجو أن أشارككم إياها في مرحلة قادمة .

رياضياً: ستبقى ميدالية حامدي في الأولمبياد والسيناريو المثير في مباراته الختامية ضد منافسه الإيراني  ذكرى لن تنسى أبداً، خاصة وكونه كان قريباً من الذهب ولم يمنعه من تحقيق النتيجة الساحقة سوى التسديدة الأخيرة.

منتخب كرة القدم كان ممتعاً هذا العام، وفي رأيي أن الرياضة السعودية وكرة القدم تحديداً ستؤرخ بشكل مختلف اعتباراً من مرحلة الأمير عبدالعزيز وزير الرياضة الحالي والصلاحيات الواسعة لاتحاد القدم ولمدرب الأخضر الرائع رينارد، ولو كتب الله لنا التأهل للمونديال أنا متفائل بأن هذا العمل المؤسساتي المنظم سيؤدي إلى مشاركة أفضل من سابقاتها بإذن الله وتعيد ذكرى التأهل للدور الثاني .

فنياً: شاهدت بعض المسلسلات والأفلام الجميلة لكنها لا ترتقي لمرحلة الروائع، قد اشارككم اياها في تدوينة لاحقة بشكلٍ تفصيلي، الطرب هذا العام وخاصة في الجانب السعودي في رأيي كان دون المستوى ولا أذكر أن أغنية واحدة علقت في أذهان الناس، أحمد الله كثيراً أن أرشيف محمد عبده العظيم وأغانيه القديمة الرائعة متوفر بشكلٍ مجاني على يوتيوب وساوند كلاود للإستماع إليها بين حين وآخر ، لاسيما أجواء الجلسات التي أحبها كثيراً – مقارنة بأغان الحفلات – ، لأن الجلسات عموماً ينطرب فيه المطرب نفسه ويسلطن كما يريد دون نوته أو مايسترو كما أن أجوائها الهادئة تمنحني حالة رواقان مختلفة.

إذا وصلت هنا اكتب لي شي في التعليق 🙂 .. بس أدري أحد موجود ويقرأ 😍

تعلم تقول .. هم أحرار

مستمتع مؤخراً في قضاء الوقت المهدر داخل السيارة بتشغيل تطبيق “كلوب هاوس” لسماع الحوارات الجادة .. وغير الجادة أحياناً، قد يكون التطبيق (تريند) يخف بعد مرور أشهر، إلا أن تصفحه وبساطته وعدم تعقيده بخدمات أخرى يعتبر بالنسبة لي أمر مريح جداً خاصة في حال عدم الرغبة بالاستماع إلى بودكاست أو موسيقى.

غير أن مالفت نظري في الشبكات الأخرى لاسيما في تويتر، أن هناك من يبدي امتعاضه تجاه البرنامج لأسباب غير منطقية، مرات تجد من يسجل حوارات سيئة في كلوب هاوس ويستشهد بها في تويتر بأنها حوارات سطحية ومليئة بالإساءات، ومرات أخرى من يلتقط صوراً لأسماء الغرف ثم يعلق بأن البرنامج فيه اسفاف وغرف مسيئة .. الخ، بل أن قرأت مرة لأحدهم يقول بأنه دخل أحد الغرف ووجد الحوار منظماً (مثل اسلوب الإذاعات) ويعتبر أن ذلك أمراً سيئاً وأنه امتداد للإذاعات التقليدية وأن القائمين على تلك الغرف يجب أن يسايروا اسلوب الشبكات الاجتماعية وأنها مفتوحة للكل .

أقول لهؤلاء يجب أن تغير الشبكات الاجتماعية من نظرتكم للآخرين، خصوصاً فيما يتعلق بحرية المواضيع واختيار أوقاتها، الغرف التي تعتقد بأنها سطحية وتناقش مواضيع لا تعتقدها مهمة هي لآخرين مخرج من يوم عمل متعب، أو حتى للخروج من مزاج سيء، والغرف الأخرى المنظمة التي يجمعها موضوع محدد لآخرين يجدون بأن البرنامج وفر لهم فرصة تاريخية للحديث في مواضيع متخصصة جداً .

في نهاية الأمر مفهوم أن تفتح تطبيقاً وتوجه انتقاداً للآخرين – لمجرد الانتقاد – يعني أنه يجب أن تعيد النظر في طريقة تعاملك واحترامك، يسولفون الفجر (ياخي هم حرين) .. يناقشون أغنية محمد عبده بعد الظهر هم أيضاً حرين .. لحظة .. حرين أم أحرار ؟ .. لا يهم الفكرة وصلت.

يجب أن تتجاوز مفهوم المتابعة للآخرين في كلوب هاوس أو غيره لمجرد المتابعة، غرفة هرطقة أو فلسفة التي لا تعجبك هي تظهر لك في (التايم لاين) لأن أحد المشاركين فيها تتابعه في قائمتك .. بسهولة يمكنك الغاء متابعته ولن تظهر لك المزيد من الغرف – السطحية – كما تعتقد، ولو ركزت في متابعة محبي كرة القدم ونادي الباطن تحديداً ستجد الغرف التي تناقش الدوري وحال الفريق .. وهكذا ؟

ولو طبقت مقياس الانتقادات التي توجه لكلوب هاوس – أو غيره – ، ستجدها تنطبق أساساً على كل شبكة اجتماعية من تويتر وانستغرام ومروراً بيوتيوب وتيك توك .. وانتهاء بسناب شات .

لذلك .. وسع صدرك، واترك التنمر والانتقادات التي لا مبرر لها ودع الآخرين يتصرفون بحرية.

وداعاً 2020 .. مرحباً 2021

متأخر ؟ نعم أنا متأخر .. أعلم ذلك، ومنذ أن تراكم الغبار على أرجاء هذه المدونة، وأنا أدخل وأخرج منها وكأني أتلافى أن تتسخ ملابسي، أفتح تدوينة جديدة واكتب بارتجال ثم أراجع ماكتبت وأخجل ثم أمسح ، رغم أني أعلم بأن من سيقرأ التدوينة الآن قد لا يتجاوز العشرات، ولن يطلع عليها عدد كبير كما السابق .. لكن مازال الخجل يلاحقني وكأني أكتب هذه السطر ليقرأها عشرات الآلاف.

أعلم بأنكم مللتم من مقولة سنة للنسيان .. سنة غريبة .. سنة عبيطة، صحيح أن مجرد الخوف من الإصابة بكورونا لي أو لأحد المقربين مني لاسيما والدي كانت هاجساً، إلا أن الأمور لم تكن بذلك السوء، باستثناء الملل نتيجة البقاء في. المنزل طوال الوقت.

لا ..لست مثلك ومن آخرين استفادوا من الحجر المنزلي بالقراءة أو تعلم شيء جديد، أبداً فقد كانت سنة كسل وخمول والتنقل بين أركان المنزل من هنا وهناك، وحقيقة لشخص مثلي ((كان)) يعمل على مدار فترتين في اليوم الوحد فإن مجرد البقاء مع الأسرة كل هذا الوقت هو أمر ممتع حقيقة، وفيه جانب آخر لاسيما جانب التوفير المادي .. التحويشة في نهاية العام كانت مجزية .

لم يكن شعوراً سيئاً أن تقضي هذا الوقت الطويل في المنزل، تذكرت أجواء الإجازات الصيفية الطويلة، لم يكن يكدر هذه الأجواء سوى اجتماعات (الأونلاين) الطويلة، والتي حقيقة لا أذكر فيما كانت تدور، كل ما أذكره أنها تدوم لساعات وساعات حتى الملل.

أنظر لنفسي الآن وأتأمل حالي أكثر وأكثر بعد كل سنة أكبر فيها، أصبحت أعود للأجواء الشعبية أكثر وأكثر، لا تطربني سوى أغاني السبعينات والثمانينات وربما التسعينات، وأنظر باستحقار لمن تطربه الأغاني الجديدة .. هذا شخص لا يفهم ، وعدت لعشق الوجبات الشعبية أكبر وأسرق اللحظات السرية التي أذهب فيها لمطاعم الرياض القديمة في الديرة والحلة .. ، لم تعد الوجبات الجديدة والعصرية تستهويني .. أحسها مجرد ديكور ورقي تستعرضها اللوحات والرسمات داخل المطاعم، أقطع أحياناً نحو نصف ساعة نحو تناول إفطار صحن كبدة في شارع عسير .. على أن لا أفطر في المطاعم الراقية والجديدة القريبة من بيتي .

عائلياً .. أرهقني هذا الخالد كثيراً، أكمل عامين من عمره، لكنها توازي 10سنوات، متهور وحركي بشكل لم نعتاده في منزلنا الهادئ أبداً، لو أجمع عدد ساعات هذا العام أنا متأكد بأني أهدرت 20٪ منها في مطاردة خالد ومغامراته غير المحسوبة، لكن .. ورغم ذلك فهو سيد البهجة وواليها، إذا ضحك تضحك كل الدنيا في وجهك، فهد ويارا كان التحدي معهما متعباً في حضور الحصص الدراسية (أونلاين) .. مطاردات لا تنتهي تحملتها مشكورة – أمهم – التي أدين لها بالفضل في كل شيء خلال هذه السنة الصعبة، يكبر فهد أسرع مما أتوقع بشكل يخيفني ، أما يارا فمازلت أقول محظوظ من سيظفر بها كزوجة .. 

أكتب هذه الأسطر في الاستراحة – للمرة الأولى – وسط ضجيج الأصدقاء وهم يلعبون البلوت التي لا ناقة لي فيها ولا جمل .. قد يكون أكبر محاسنها أن أعود وأفتح جهازي لأصافحكم هنا بعد غياب طويل 

عباس .. الأمل في الطرب

لا أصنّف نفسي خبيراً في الطرب والموسيقى، لكن ما أعلمه وتقوله لي ذائقتي بأننا نعيش أسوأ عصور الطرب والغناء، رغم أن الأصوات التي كانت تطربنا قبل عشرين عاماً مازالت تعيش وتنتج وتغني وتحيي حفلات، إلا أن الأغاني الجديدة خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة أصبحت بلا لون ولا طعم ولا رائحة.
ولأن الجزء الأكبر من سكان المملكة دون الثلاثين عاماً أو حتى أقل، أصبح المطربون يتجهون لهذه الشريحة ويستهدفونها بأغان ذات كلمات سطحية وألحان سخيفة، كما أن المطربون الآن صاروا أصدقاء ويحيون حفلات موحدة ويغنون من نفس الكتاب ويأخذون ألحاناً من ذات الملحنين ويدارون تحت مظلة شركة واحدة .. وهذا بلاشك أمر سلبي جداً .. لماذا ؟ ..
ببساطة لأن مفهوم التنافس انعدم تماماً، أصبح الجميع سواسية في كل شيء، وبالتالي انعدم التنافس الشريف – وربما غير الشريف – مما أثر على الساحة بشكل كبير، تخيل الحال نفسه ينطبق على مباريات الكرة.. الهلال والنصر يفوزان في كل مباراة وحين يلعبان ضد بعضهما البعض .. هذا يفوز مرة .. والآخر يفوز المرة الأخرى، بينما في واقع الأمر قوة فرقنا المحلية وتجاوزها – ربما بسنوات – حجم الأندية الخليجية التي تملك نفس القدرة المالية هو أن التنافس الكروي داخل السعودية ناري ومشتعل للغاية ..والكل يسهر ليلاً كيف يوقع مع اللاعب الفلاني ويخطف النجم العلاني حتى لا يذهب للمنافس.
عودوا لمقاطع طلال مداح في يوتيوب وهو يتشكى من سرقة محمد عبده للألحان قبل أن تصل إليه، وتأملوا الملحنين العظماء مثل محمد شفيق .. سراج عمر .. سامي إحسان والعبقري عمر كدرس .. وشاهدوا لماذا كانت الألحان في الثمانينات تحديداً رائعة جداً وتمثل مقطوعات موسيقية عالمية (مطلع أغنية صوتك يناديني مثالاً) ، كان الجو تنافسي للغاية، وكل فنان وملحن يسهر الليالي الطوال حتى يظهر بشكل مختلف وجديد وليست أغانٍ مسلوقة كما نسمع في أيامنا هذه، لا أبالغ أنه في وقت الثمانيات تحديداً لم تظهر أغنية سيئة أو فاشلة، كل أغاني طلال ومحمد عبده وعبادي وحتى عبدالمجيد كانت بديعة وتطربك .. قارنها بـ (تفاهات) عبدالمجيد الأخيرة على شاكلة حن الغريب وأمثالها.
أحب محمد عبده كثيراً وربما حين أسمع الأغاني في سيارتي لا أسمع إلا إياه، لكن مقتنع تماماً بأن السنوات العشر الأخيرة أصبح يعيش في دائرة الفشل، أحمد ربي أنه يملك أرشيف فني ضخم فيه مئات الأغاني الجميلة سواء كحفلات أو جلسات خاصة وهو النوع الذي أميل له، عبدالمجيد يكفي أن تعود لألبوماته في الثمانينات وحتى التسعينات لتعيش مع أغنياته عالماً آخر (سيد أهلي، طائر الأشحان، خفيف الدم ..استكثرك، أحبك ليه) وللأسف موهبة عبدالمجيد خسرناها مبكراً لكن لدي إحساس بأنه سيعود لطريقه يوماً .

الوحيد الذي أعلق عليه آمالي هو عباس ابراهيم، وسعيد جداً بأنه لم يقع في ماوقع به الآخرون لاسيما محمد عبده وعبدالمجيد وراشد بل وحتى خالد عبدالرحمن، وللحق كنت لا أفضل سماعه لأنه ظهر في سن صغيرة لا تمكّنه من تحديد طريقه بنفسه .. لكن الآن أعتقد هو أنسب وقت لعودته خاصة بعد أن تجاوز سن الثلاثين واستقرت طبقته الصوتية، والأهم أن لا يسير بنفسه طريق من سبقوه، بل يشق له طريق آخر مختلف وسيكون صوت السعودية الأول ، أما إذا دخل نفس المسار .. فسيكون حتماً مثلهم حتى ولو كان صوته الأجمل.

آملي أخيراً بأن هيئة الموسيقى ووزارة الثقافة بالتحديد تعيد ترتيب أوراق هذا الملف، وكل ثقة بأن الوضع سيتعدل .. لأنه لن يكون أسوأ من الحال الذي نحن فيه .

لماذا أحب (زندور) .. وأتجاهل (راف باور)

لا أفهم في فنون التسويق كثيراً، لكن أعي نقطة واحدة هي أن لا تظهر كثيراً أمام أعين المستهلك حتى لا يملّ منك أو يطفش من كثرة إعلاناتك.
من المؤكد أنكم تملّون مثلي من إعلانات بنوك الطاقة (الباور بانك) بين المؤثرين، في تويتر وسناب شات ويوتيوب وكل مكان، كل يوم هناك عروض وموديلات جديدة وأمور أنت لا تحتاجها فعلاً، في الواقع أن لن تحتاج سوى لجهاز واحد إلا ربما في حال السفر والتنقلات الطويلة.

مع هذا التكرار المؤذي، ينتج لديك ردة فعل سلبية تجاه المنتج، وسمعة لا تتجاوز مفاهيم أن هذا المنتج (مزعج، غير موثوق، أسعاره تتقلب بشكل كبير كل يوم)، ناهيك أن تجد مؤثراً يمنحك كود تخفيض ويشعرك بأن منتجهم الفعلي الذي يعرضونه بالمحلات يخدعونك بسعره، فالمؤثر لديه تخفيض ثم تدخل في حسابات لا أول لها ولا آخر، ناهيك عن المديح المبالغ فيه .. والمديح المبالغ فيه أقرب للذم .

لذلك عندما أجد منتج بجودة عالية، وتسويق هادئ، مثل منتجات زندور مثلاً، أصبح ميالاً لها أكثر، هي الصح وغيرها الخطأ، هي الواثقة من منتجها، وغيرها عكس ذلك، هي التي لا تنتهز الفرص ولا تبحث عن التسويق الرخيص، هي التي أسعارها ثابتة لا لا أكواد هنا وهناك.

الأمر شيئاً فشيئاً يتحول إلى كره كل مايعلنه المؤثرون – ليس كرهاً فيهم بالطبع بل هو من حقهم – لكن لأن العملية تتم بطريقة بدائية تمنح للمؤثر أن يرتجل بمديحٍ مبالغ فيه يوّلد فيك شكاً داخلياً بصدق ماقاله، خاصة مع التكرار شبه اليومي للإعلانات وتكرار نفس المفردات والأفكار لقلة الحيلة.

ملاحظة : هذا ليس إعلاناً لزندور .. إنتا الثاني !