لماذا يحبون أن يكونوا مدراء ؟

لازال مشهد الانتخابات البلدية التي أقيمت في الرياض قبل سنوات يدور في مخيلتي بين حين وآخر، كان تساؤلي حول المبالغ الكبيرة التي كانت تدفع من أجل حملات إعلانية للظفر بمقعد في منصب شرفي لا يقدم ولا يؤخر، حملات إعلانية ضخمة ومبالغ تدفع هنا وهناك بل أن هناك أسماء صرفت عشرات الملايين ولم يكتب لها النجاح ..
كنت أنظر غالباً لتلك المبالغ بحسن نية لكن بعد مرور سنتين أو ثلاث انقلبت النظرة رأساً على عقب خاصة بعد أن خضت معترك الحياة الفعلية وأزلت نظارات التفاؤل الوردية، لماذا يدفعون تلك المبالغ الكبيرة .. هل فعلاً هم يريدون خدمة الوطن والمواطن – كما يدعون ويقولون – أم أن وراء الأكمة ماورائها ..
الآن في الحياة العملية بدأت ألحظ سباقاً فريداً من نوع آخر .. سباق المناصب الكبرى بل أفضل تسميتها بحرب المناصب الكبرى، بدأت أتأمل كيف لوضيع أن يبدأ صغيراً ويخطط بدهاء وخبث بمبدأ – الغاية تبرر الوسيلة – ، قد يسقط ناساً أبرياء وينهي رزق آخرين لاعلاقة لهم بولع المنصب .. كل ذلك من أجل أن يصل ويصبح مديرا.
أصبحت أتابع آخرين يبذلون جهوداً كبيرة ويصلون الليل بالنهار في مناصبهم الصغيرة حتى يحظون بالترقية تلو الأخرى وعندما يصل لمقعد المدير .. يتحول أحدهم إلى شخصية مختلفة ، يأتي متأخراً ويخرج باكراً .. يغرق في وحل الواسطات والانتدابات التي لا تنتهي .. ببساطة يصبح (مثلهم) .. ولا تسألني عن هم .. أنا مثلك لا أعرفهم ! .. وأيضاً هم هم هم .
أنظر دائماً للمناصب القيادية في الوظائف الحكومية ، الغالبية منها ذات رواتب عادية قد يتقاضاها مبرمج في شركة انترنت .. خاصة بعد أن أصبحت الرواتب العالية في الشركات في بحر 15 ألف أمراً اعتياديا – خلال الوقت الحالي- وهو المبلغ الذي يتقاضاه ذو منصب قيادي جدا في دائرة حكومية، إذن نتفق بأن العائد المادي ليس هدفاً لهؤلاء ، وحتى لا أكون معمماً أكثر أقول على الأقل لغالبيتهم .. ربما يكون مدير إدارة وراتبه لا يتجاوز 10 آلاف ، بل أعرف شخصاً يعمل مديراً وتحته عدد من الموظفين وراتبه لا يزيد عن ستة آلاف ريال.
فرق كبير بين أن تمنح الكرسي من أجل عملك وفكرك وإبداعك وأن تواصل نفس المسيرة .. وبين أن تتحول إلى مجرد كرسي آخر، الولع بالوصول إلى المنصب وتحويله إلى حلم .. أقصد مجرد الوصول هو ولع وظاهرة وموضة بدأت ألحظها في السنوات الأخيرة .. لو قيل لأحدهم تعال وكن مدير للقهوجية لجاء مسرعاً طابعاً كروته مزينة بالمنصب الجديد قبل أن يصل لدوامه.
تأملوا حتى المواقع الالكترونية والمنتديات، موقع يبدأ ببرنامج مجاني لعرض الأخبار المقتبسة من مواقع الصحف أو جوالاتها وأخبار تأتي جاهزة عبر البريد الالكتروني من المتحدث الأمني أو غيرها تجد فيه المناصب مزينة بولع شديد، مجرد هواة لم يتجاوزا سنواتهم الأولى في الإعلام يزينون المواقع بأسمائهم ومناصبهم .. رئيس مجلس الإدارة .. رئيس التحرير بل دخلت على موقع إخباري مخصص للشباب فضحكت من كل قلبي عندما دخلت صفحة طاقم التحرير لأجد جميعهم مدراء .. بل حتى أن رئيس التحرير لديه مستشار تحرير .. لم يبق إلا قهوجي الرئيس.
ياناس ياعالم .. الحياة لا تؤخذ هكذا والدنيا لا تستحق مثل هذه الأفكار .. صحيح أن الطموح شيء جميل وكل شخص له حق أن يفكر في أن يصل لمستوى معين ولكن قلي بربك ماهو الفارق الذي ستصنعه من أجل أن تكون مدير عام أو حتى وزير .. أليست حياتك تستحق أن تمنحها جزءاً من وقتك .. وهل تعتقد بأن الوزير يسعد في حياته أو يجد الوقت الرائع الذي تجده الآن تتجول فيه بالانترنت وتقرأ الكتب وتشاهد الأفلام ، يكفي مجرد التفكير بالاستقبالات الرسمية والانتظار الطويل لساعات، عن نفسي لو قيل لي خذ مليوناً وكن وزيراً .. بكل تأكيد لن أقبل.
ستقول بأني سأحدث تغييراً عندما أصل للمنصب يذكرني فيه التاريخ أقول لك ولللأسف الشديد أن التاريخ لا يحفظ إلا للناس الفاسدين .. سيقال بعد سنوات جاء الوزير الفلاني وسرق .. والوزير العلاني وحول وزارته إلى مكان موبوء بالفساد .. ، امسك ورقة وقلماً وقل ماهي أبرز الإنجازات التي تركها وزراء أو مدراء قبل سنوات … ربما ترصد جزءاً ولكن هل تستحق فعلأً ؟
كتبت هذا الموضوع بعد توقف هو الأطول واللياقة لا تساعد على الاستمرار .. لكني أتمنى أن أجد يوماً إجابة لتساؤلي .. لماذا يحبون أن يكونوا مدراء ؟

لن نتقدم إلى الأمام بلا (نظام)

على شاكلة السؤال الذي يقول .. من جاء أولاً الدجاجة أم البيضة، دائماً ما أطرح على نفسي سؤالاً يدور حول مسؤولية النظام أو التنظيم (اختر ماشئت) .. هل هي على الفرد أم الحكومة ؟
في أحايين كثيرة كنت أبحر مع الفريق الذي يحمل الأجهزة الحكومية مسؤولية غياب فكر النظام والتنظيم في مجتمعنا السعودي تحديداً، فلو لم يكن هناك واسطة ولا تجاوز للأنظمة لكان بإمكانك مثلاً أن تجدد بطاقتك الشخصية في ظرف ساعة، بينا لأن المؤسسة الحكومية تغيب مفهوم التنظيم وتكرس أسلوب الواسطة وتجاوز الطوابير لن يلتزم البقية (المنتظمة أصلاً) بالنظام وستحاول إيجاد واسطات وحيل لتجاوز النظام وللأسف بعد مرور فترة نجد أننا أصبحنا نتفنن في إيجاد تلك الأساليب .. ، في المطار قد تبقى لأكثر من نصف ساعة بانتظار تحرك طابور الواقفين لاستلام (البوردينج) ولكن لغياب النظام وتكريس مفهوم الواسطة أيضاً بإمكانك محادثة أصغر موظف في المطار ليحولك إلى شخص في الطرف الآخر لا يوجد أمامه أي مسافر وتنهي إجراءاتك في ظرف دقيقتين ..، مثال ثالث .. أمام إشارات المرور الجميع يقف بانتظام واحترام للإشارة المرورية وفي أحيان كثيرة لوجود رجل أمن يقف بالقرب منها .. ولكن أيضاً لغياب الفكر التنظيمي لدى المرور وتكريس مفهوم المخالفات بالسرعة وقطع الإشارة فقط .. ستجد أن هناك عشرات السيارات التي تتجاوز الصفوف الواقفة وتقوم باستغلال المسار الأيمن المفتوح لراغبي الالتفاف لليمين من خلال سد المسار بانتظار أن يتحول ضوء الإشارة إلى اللون الاخضر .. بل هناك من (يجرم) .. ويتجاوز كل الصفوف بكل وقاحة ودناءة من أقصى اليمين ثم يقف في الصف الأول متجاوزاً خطوط المشاه ومنتهكاً حرمة الوقوف أمام الإشارة ورجل المرور ! ..
في الحالات السابقة أمثلة تقول بأن سوء لجوئنا للنظام والتنظيم يعود لحال المؤسسة الحكومية المتدنية تنظيمياً .. فالأحوال يمكن حلها بطريقة ميسرة وسهلة متى مالتزم الجميع بالأرقام المرتبة دون أي تجاوز والمثال الناجح لدينا في جوازات الرياض المميزة إدارياً من خلال القدرة على تجديد جوازك والانتهاء من المراجعة في ظرف 15 دقيقة وأنا هنا أتحدث من واقع تجربة شخصية، وصالات المطار لو شغلت جميع الأجهزة والمسارات في وقت واحد وقسمت الرحلات بطريقة منظمة طبقاً للعدد المتوقع لما تجاوز كل صف 10 أشخاص (بالكثير) .. ولو كان المرور لدينا حازماً ويقف بصرامة أمام الوقحين في الأمثلة أعلاه لما تجرأ أحدٌ على التلاعب أمام الإشارة المرورية .
لكن .. أيضاً هناك طرفٌ آخر يحمل مسؤولية الفكر التنظيمي للمجتمع السعودي إجمالاً إلى الفرد نفسه وقدرته على الإرتقاء بذاته ومحاولة الإرتقاء بالمجتمع بشكل إجمالي، الشخص المنظم يعرف من الوهلة الأولى .. في قيادته .. في ملبسه .. حتى في طريقة تنظيم سطح جهازه الكمبيوتر، تأمل حال صديقك العبثي كيف يقود السيارة وكيف يتنقل من مسار إلى آخر بطريقة همجية دون أن يستعمل الإشارة المخصصة لذلك .. يقود بلا هوية ولا نظام لأنه يعكس حال نفسه في التفكير والتوجه إجمالاً .. تأمل حاله حينما يدخل أي مكان منتظم .. بنك .. إدارة حكومية .. ستجد أن همه الأول كيف يمكنه أن يتجاوز النظام ويتجاوز ذلك الصف الطويل ، بل ستحرج من وقاحته وهو يدخل مطعم الوجبات السريعة وينادي البائع (محمد .. واحد بيق ماك) .. ضارباً بالواقفين أمامه عرض الحائط ومتجاهلاً أي فكر لتطبيق النظام الذي لن يكلف من وقته سوى دقائق معدودات .
هل سافر أحدكم يوماً من خلال خطوط أجنبية وتأمل الفارق بين حال النظام هنا وهناك ؟ .. لدينا للأسف ومنذ أن تحط الطائرة رحالها على المدرج وقبل أن تتوقف تماماً تجد هؤلاء الهمجيين يفتحون أجهزتهم الجوالة بسرعة رهيبة وكأنهم يترقبون حال الداو جونز أو أسعار البورصة ويخشون أن يتأخرون في معرفة آخر الأخبار ولو ثوان معدودات .. ثم تجدهم يفتحون الحقائب العلوية لإنزال شنطهم (رغم أن الطائرة لم تقف بعد ورغم توسلات الطاقم المضيف) .. والمثير أن هؤلاء كلهم يعلمون بأنهم في النهاية سيبقون في صالة المطار لفترة تصل إلى نصف ساعة بانتظار حقائبهم من العفش .. أي أنهم لن يستفيدوا أي فائدة من هذه السرعة والبعث بقدر ماهم يرسخون مفهوم عدم تطبيقهم للنظام .. هم تربوا على (اللا نظام ) طوال حياتهم.

في رأيي المتواضع أننا لا يمكن أن نتقدم بالمدن الاقتصادية والجامعات وتطوير المناهج بقدر ترسيخنا لمفهوم النظام وتطبيقه وتطويره أيضاً .. وتحميل كل الجهات سواء كحكومة أو أفراد مسؤولية أي إخلال بعملية التنظيم .. وإلا سنظل (مكانك راوح) !

حوار الشيخ الكلباني .. نظرة من بعيد

 

رغم أني لا أحرص كثيراً على قراءة جريدة الحياة لتراجع مستواها كثيراً خلال السنتين الأخيرتين كما هو حال تراجع كاتبها الأول عبدالعزيز السويد، إلا أني أحيي إدارة الصحيفة والمحرر مصطفى الأنصاري على الضربة الصحفية القوية من خلال إجراء حوار موسع مع الشيخ عادل الكلباني.
لماذا أصنفه بحوار الشهر أو حتى السنة، ببساطة لأنه كشف لنا كثيراً من خبايا إمامة الحرم المكي الشريف وكيفية المنافسة (الغير معلنة) بين الأئمة وكيف علاقتهم برجال الدولة والمسؤولين وعلاقتهم بالجمهور أيضاً.
الحوار كان مثيراً بكل ماتحمله الكلمة من معنى وأستغربت كثيراً كيف سلم الكلباني الخيط والمخيط للمحرر وكأنه كان منوم مغناطيسياً .. كان يجيب بكل صراحة وبكل وضوح دون أن يقدر أن كلمته ستظهر للملأ ويحفظها التاريخ، يقال (ماكل مايعلم يقال) لكن الكلباني خالف هذه المقولة وأبدى حضوراً كبيراً في الحوار حتى أنه تطرق لزواجه من (الشام) من منطلق تحسين النسل!
لمست في كثير من إجابات الكلباني بعضاً من الغرور رغم محاولاته النفي، ومحاولة ربط علاقته مباشرة بالملك عبدالله في كثيراً من الإيجابات متجاوزاً الشيخ الحصين وغيره حتى أن المحرر سأله عن جدول الأئمة في رمضان فأجاب الكلباني (أن الجدول لم يكن من الشيخ الحصين وإنما من الملك) !! إجابة مثيرة حقاً .. كيف يمكن تقبل ان يقوم الملك بالتوجيه في جدول الأئمة.
إجابات الكلباني في الحوار كانت مثيرة كما قلت، فرغم أنها التجربة الأولى وكانت مقتصرة على شهر رمضان المبارك إلا أنه سمح لنفسه بأن يكون (أحسن واحد 🙂 ) فهو رصد على الشيخ المعيقلي ملاحظات كثيرة على تجويده ونصح الشيخ عبدالله الجهني بتطوير نفسه في التلاوة والوقف والابتداء، يلمس القارئ في هذه الإجابات أن الكلباني صنف نفسه من ضمن الأئمة الرسميين وبدأت في توجيه الانتقادات من مفهوم المنافسة .. وإلا فأن تكون إماما للحرم المكي هو مكان أرفع وأسمى من تذكر ملاحظات على زملائك أمام الملأ وأنت لم تصلي في الحرم سوى أيام معدودات.
إضافة لذلك .. كان يظهر في كثير من إجاباته بأنه (واصل) كما يقولون مع أنه (واصل فعلا) ولا يحتاج الأمر لأدلة يكفي أنه أصبح يحضر في مجالس الملك، لكنه كان يركز في كثير من إجاباته على هذه النقطة ويحاول جر الحوار إلى علاقاته مع الأمراء والمسؤولين من بينها قوله (كنت أعلم بأن الأمير سلمان يحبني ولكني حين عينت إماما تفجر ذلك الحب على نحو لا مثيل له) ، كما أنه ذكر لقاءه بالأمير خالد الفيصل وأنه تفاجأ بحفاوته البالغة له وأن هذا الاندهاش نابع من منطلق ( أن تكون فكرتك عنه كذا وكذا .. ثم تفاجأ بالواقع المختلف .. وتندهش)، كما تطرق للقاءه مع وزير الإعلام إياد المدني الذي لا يلاقي قبولاً وسط المتدينين في المملكة، كان الكلباني يقول بأنه قابل إياد مدني حينما كان جالسا بين وزير الشؤون الاجتماعية وسفير المملكة في لبنان .. وزاد الكلباني في إشادته بمدني حينما وصفه بالرجل الرائع وأنه وجد فيه (أنساً ولطافة ومودة) .
أكثر النقاط التي لفتت نظري حينما تطرق لعودته لجامع الملك خالد بالرياض حيث تفاجأ بأن إماما آخر تم تعيينه من قبل الأمير موضي لغضبها عليه بتوجهه للمسجد الحرام دون إبلاغها، المثير أن الكلباني كان يعلق على حال الجامع ويتندر بشكل غير مباشر كان يقول (كان يصلي معنا في العشاء سبعة صفوف والآن أصبحوا أربعة، والفجر كنا نصلي ثلاثة صفوف والآن لا يكملون صفاً واحداً) ثم أردف بقوله (قد يكون لجامع الملك خالد مميزات لكن معظمها أنا وبلا فخر من صنعها) ، في الواقع كنت أعتقد بأن حال أئمة المساجد أزهد من النظر في المنافسة بمثل هذه النظرة.
قمة الإثارة تجلت في إجاباته عن مسلسل طاش ماطاش حيث أكد مشاهدته لبعض الحلقات التي منعت من البث لتطرقها عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. كنت أتوقع إجابة قوية أو انتقاد مباشر للسدحان والقصبي غير أنه أجاب بقوله ( لم أر فيها شيئاً بل فيها نقد كأي نقد لإي جهاز حكومي).
اعتدنا طوال السنوات السابقة بأن لا نجد لأئمة الحرمين مثل هذا الحضور الإعلامي وهذه الإجابات الصريحة والمباشرة، وفيما يبدو لي بأن الكلباني قادم بقوة لاكتساح الساحة الإعلامية الدينية لحضوره المثير ليس فقط من خلال جريدة الحياة لأني وجدت له حواراً في اليوتيوب ليس ببعيد عن هذا.
في توقعي الشخصي أن الكلباني لن يتم استدعاءه للحرم المكي في رمضان القادم بعد هذا الحوار إلا أن أظهر شيئاً مختلفاً خلال الأشهر القادمة كأن يعتذر مثلاً !
هذه نظرة سريعة على حوار الكلباني مع جريدة الحياة أنقلها في المدونة رغم أني لست من المعجبين بصوت الكلباني حقيقة ولا أجد أنه يستحق هذه الهالة الكبيرة جماهيرياً وإعلامياً .. في النهاية هو لن يصل لمستوى السديس والشريم.

– الجزء الأول من الحوار
– الجزء الثاني من الحوار

ملاحظة : كثيراً يسألوني عن الصنف اللي أتعاطاه 🙂 ويخليني أكتب 4 مواضيع في خمسة أيام .هههههه والله أني أشرب بعد العشا عصير برتقال تروبيكانا .. مدري فيه منشطات ولا لا .. بس كله من صب واي .
ثاني شي أخواننا المطاوعة لحد يشب علي يقول وشلون تكتب عن الشيخ بعد ماكتبت عن محمدعبده .. غمضوا ولا تشوفون اللي تحت ، بعد هذا يدل على تنوع فكري ثقافي.
سحبت علبة العصير أقرأ المكونات ولقيت مكتوب ضمن المواد فاكهة باشن .. أسأل الله تعالى بأن لا تتضمن كحولاً .. فما أسكر كثيره قليله حرام .. أقم

إرممييييييي

الشيخ الشجاع

لست من هواة متابعة البرامج الدينية  ، تقتصر مشاهدتي في برامج الفتاوى خصوصا للشيخين المطلق والمنيع ، أحب بساطتهما ورغبتها في التخفيف عن الناس قدر مايستطيعا .
في أحيانٍ كثيرة تقع عيني وأنا أتنقل بين القنوات على برامج فتاوى في قنوات أخرى وحقيقة في كثير من الأحيان أيضاً أصاب بردة فعل تجاه حجم الفتوى واختيار الطريق الصعب في إيصالها رغم أن هناك طرقاً أسهل وأيسر للمتصل ولا تتخالف مع شريعتنا على الإطلاق ، بل أذكر مرة أني شاهدت برنامجا كان يستضيف فيه الشيخ العريفي حيث تلقى اتصالاً من سيدة تسأله عن حكم السفر وحدها بطائرة من الرياض إلى جدة لظروف علاج ، كان الشيخ يتلافى أن يتجاوب بشكل أجبرني على وضع الريموت جانباً لمتابعة الحدث الذي انتهى بأن طلب الشيخ من السائلة أن تحادثه لاحقاً ( تحت الهوا) وأنا متأكد بأنه كان سيفتي لها بجواز السفر غير أنه يخشى ردة الفعل ، تذكرت حينها أحد أروع حلقات المسلسل (طاش ماطاش) والتي كانت تحمل اسم (سلطة الجماهير) إن لم تخني الذاكرة وكانت تتحدث عن عدد من المشائخ يتلافون أن يذكروا وجهات نظرهم في قضايا محددة خوفاً من ردود فعل جماهيرهم .
وسط كل هذه الأجواء شق الشيخ الفاضل عبدالمحسن العبيكان طريقاً مختلفاً منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، فهذا الشيخ الشجاع تقدم الصفوف دون خوف أو نظر لجماهيريته التي كونها في الثمانيات بجامع الجوهرة بشارع الخزان ، حكم الشيخ عقله قبل عاطفته وأصبح ينظر لكل القضايا من منظور شرعي أولاً وأخيراً .. لكنها نظرة تهدف إلى إظهار الشريعة الإسلامية بمفهومها الواسع والكبير .. المفهوم السمح الذي يقدم المحبة والعطاء والخير بدلاً مون يحاول ربطها بمفاهيم القتل والتدمير والخراب.
قاتل هذا الرجل وأصبح وكأنه في كفة لوحده وبقية المشائخ في كفة أخرى، واجه الكثير – ولازال يواجه – من ردود الفعل السيئة التي تستهدفه شخصياً وتحاول التقليل من أثر عطائه والتحجير على أفكاره وإظهارها بالأفكار البالية التي لا مرجع بها ، وغاب عن الكثيرون أن الشيخ العبيكان لم يكن يصدر فتاوى من (جيبه) بل كل فتوى يرصدها بالأدلة من القرآن والسنة وهو في النهاية عالم جليل لا يمكن لفلان أو علان مجاراته أو انتقاد فتواه لمجرد أنها لم ترق لهم أو تتماشى مع أفكارهم .
أعتقد أن أبرز فتوى تصدى الشيخ لها وحيداً هي فتواه التاريخية في عدم اعتبار القتال في العراق (جهاداً) وكان يقف ويقاتل لوحده ضد التيار الكبير الذي انتشر في المملكة بعد غزو العراق وصدّر عشرات المتحمسين الذين قتلوا انفسهم انتحاراً للأسف الشديد ، لم يستغرق الأمر سوى سنتين وربما ثلاث حتى غابت كل أصوات مشائخ الجهاد بعدما ثبت للجميع بأن الشيخ العبيكان كان على حق .
المخالفون للشيخ العبيكان يحاولون قدر الإمكان ربط فكره بما يسمى بالفكر العلماني ويبنون ذلك بالترحيب الذي يجده العبيكان في الصحافة والتلفزيون المحلي وأعتقد أنهم نجحوا في إقناع جزء كبير من المجتمع بهذه النظرة، لكن (الشيخ الشجاع) لم يأبه لهم أبداً حتى وهم يتعرضون له في البرامج المباشرة .
يعجني طرحه المتزن في فتواه والتي كان آخرها يوم أمس حينما أفتى بجواز سفر المرأة بلا محرم والتي أثارت (كالمتوقع) ردود فعل واسعة ، وأتذكر الفضيحة التي أدعوا بأنها ستحرج الشيخ حينما بثوا مقاطع له في اليوتيوب وهو يرقص العرضة النجدية .. كانوا يتوقعون بأنها ستمثل انتصاراً تاريخياً مدوياً يقصي الشيخ عن الظهور .. لكن العبيكان (الواثق من نفسه دائما) فاجأهم بالظهور في تصريح صحفي بقوله (نعم شاركت في الرقصة ولا أعير بالاً لمن يريد أن يقلب أفراحنا إلى ماتم وإلى أحزان) .. الله وأكبر .. كم في رده من حكمة .
في بلادنا ومنطقتنا (نجد) تحديداً .. نحن بحاجة إلى عشرات من أمثال هذا الشيخ الفاضل .. وبحاجة إلى عشرات من قوة صبره وتحمله ووقوفه ضد التيار المتشدد ، من جانبه .. هو بحاجة إلى أن نقف معه أيضاً وأن نساهم في إيصال فكره وصوته ونقاتل أيضاً لإيصال فتاواه .. فالإسلام ليس حكراً على أحد .. .

روابط تهمك :
* حواره مع إضاءات
* حواره مع جريدة الرياض وتأكيده على أن مفجري العراق هم انتحاريون وليس استشهاديون
* مشاركته (فيديو) بالعرضة النجدية في زفاف ابن أخيه
* رده على منتقديه في مشاركته رقصة العرضة
* موقع الشيخ الرسمي لمن رغب في قراءة الفتاوى والاطلاع على الشيخ بشكل أقرب

أفضل ماكتب عن القندرة

 

كثيرون كتبوا عن حادثة القندرة وكثيرون بالغوا في تبجيل الزيدي الذي رمى مجرم الحرب وأحد أغبى الرؤساء في العالم ، كنت انوي طرح موضوع مستقل خلال هذين اليومين لكني لم أجد مدخلاً أتجاوز فيه التقليدية خصوصاً وأن الكثير كما قلت كتب عن القضية وتناولها .
تركي الحمد كتب مقالا جميلاً في الشرق الأوسط اليوم . قرأته وكأنه نقل وجهة نظري تماماً .. لذلك فضلت أن أنقله للمدونة لتشاركوني القراءة أيضاً 🙂 ..

المقال : وعدنا بخفي ..

أحلام .. السيدة العبقرية

لست من نوعية القراء عشاق الروايات ، ولكني أحرص على قراءة عددٍ منها بين حين وآخر من باب الإطلاع على فنون أدبية أخرى خاصة الرواية التي تحظى بردود جماهيرية وإعلامية واسعة ، قرأت كل ماخطه غازي القصيبي وكنت حتى وقت قريب أعتبر (العصفورية) رواية مجنونة كبطلها وكاتبها ، .. وعشت أيام طوال مع هشام العابر في ثلاثية تركي الحمد التاريخية وقراءات متنوعة في روايات عالمية بدأتها بالبؤساء وجان فالجان .
حتى وقت قريب كنت أعتبر أن الروايات مثل المسلسلات الأمريكية .. تأخذ وقتاً طويلاً في القراءة والتركيز والمتابعة كما هو الحال وأنت تتابع مسلسل (لوست) الشهير ، بينما يكفي قراءة كتاب واحد أو مشاهدة فيلم واحد عن عشر روايات أو مسلسلات ، أصبحت حقيقة لا أميل لها خاصة وأنها الفن السهل .. كل من عرف أن يكتب سطرين ألف رواية وأخص بالذكر هنا الروايات الهزيلة التي يكتبها عدد من الصحفيين آخرها رواية سمر المقرن ورواية أخرى موغلة في السطحية كتبها صحفي رياضي .
لكن هذه المرة الوضع اختلف ، ففي رحلتي لدبي مطلع الشهر الماضي كانت الترتيبات سريعة بشكل لم يجعلني أجد وقتاً لاختيار الكتاب الذي سيرافقني في الطائرة أو على كراسي الانتظار بالمطارات ، توجهت إلى مكتبة شقيقتي التي لازالت تدرس في عامها الأخير بالجامعة .. وطلبت على وجه السرعة أن تجهز كتابين أو ثلاثة من مكتبتها (على ذوقها) .. وكأن حالي لا يختلف عن شخص يتوقف عند مطعم قبل أن يقفل في آخر الليل ويطلب أي ساندويتش تبقى لديه .
الشاهد أن أختي قدمت لي ثلاثة كتب أحدها الرواية التي ملأت الدنيا ضجيجاً (ذاكرة الجسد) للكاتبة أحلام مستغانمي ، قلت في نفسي (يوريكا) – ماغيرها- ، سمعت وقرأت عشرات التقارير حول هذه الكاتبة والاتهامات التي كانت تتردد بأن هناك من يكتب لها .. قلت في نفسي ستكون هذه الرواية رفيقتي في السفر .
بدأت في التصفح الأولي وأنا في صالة الانتظار بمطار الرياض .. الصفحات الأولى كتبت باحترافية غير مسبوقة وبإثارة تنبئ عن رواية من العيار الثقيل كما يقولون ، خلال دقائق وجدت نفسي أسبح في بحر صفحاتها .. بكل صدق .. أسرتني .. واصلت القراءة في الطائرة ومرت الرحلة وكأنها مشواري اليومي إلى مقر عملي ، وصلت الفندق عند العاشرة واتجهت للغرفة مباشرة لمواصلة قراءة الرواية .. لست من مدمني القراءة كما قد يعتقد البعض لكن هذه الرواية تسحر تسحر تسحر .
للمرة الأولى أيضاً لم أعهد بنفسي القراءة ببطء وتأني .. كنت أقرأ الروايات بسرعة رهيبة باحثا عن تفاصيل الحكاية ، لكن مع هذه الرواية كنت أقرأ الصفحة مرتين وأحياناً ثلاث مرات لما فيها من فكر وطرح وتعابير فكرية وأدبية خلاقة .. خلاقة .
بدأت قراءة الصفحات في مطار الرياض وواصلت المتابعة في فندق أتلانتس بدبي .. وختمت صفحاتها أمام أحد أجمل شواطئ العالم في موريشيوس .. رواية بهذا المستوى لا يمكن قراءتها إلا في أماكن نخبوية تليق بقدرها .
لا أقول بأن أحلام مستغانمي كاتبة متمكنة أو روائية خلاقة .. أقول بأن هذه السيدة عبقرية عبقرية عبقرية .. وأنا أقرأ الحكاية لم أكن أدهش لقصص خالد مع حبيبته أو مذكرات زياد أو قصص حسان .. كنت أقول في داخلي وأنا أقرأ الرسائل المبطنة التي تكتبها أحلام بأن أفكاراً مثل هذه لايمكن لكاتب عادي أن يفكر فقط في مجرد طرحها .. بل يجب أن تصدر من شخصية استثنائية بكل ماتحمله الكلمة من معنى .. أتتذكرون أبيات المتنبي وكيف أصبحت حكماً وأمثال تردد حتى يومنا الحالي .. أحلام كانت تكتب جملاً مثله .. جمالاً إبداعية فكرية لن يسبق لها مثيل .
أتدرون لم هذه السيدة عبقرية .. لقد كانت الرواية على لسان رجل .. على لسان خالد الذي يحارب ويشارك في المعارك .. ويتغرب .. ويعشق .. ويغار .. ويكره .. ويحب .. ويتألم .. بكل عنفوان الرجل وانفعالاته .. أساليب وكلمات لن تكتب إلا على يد شخصية عبقرية كأحلام .
دعوني أقدم لكم بعضاً من الأمثلة لبعض الجمل العظيمة والتي بالمناسبة وجدت أن شقيقتي أيضاً وضعت دونها خطاً بقلم الرصاص :
@ إذا صادف الإنسان شيء جميل مفرط في الجمال .. رغب في البكاء .
@ كنتِ فارغة كإسفنجة ، وكنت أنا عميقاً ومثقلاً كبحر رحت تمتلئين بي كل يوم أكثر
@ الروائي الناجح هو رجل يكذب بصدق مدهش ، أو هو كاذب يقول أشياء حقيقية .
@ إن الإنسان ليشعر أنه في عنفوان الشباب .. عند نزول المطر .
@ الجبال لا تلتقي إلا في الزلازل والهزات الأرضية الكبرى ، وعندها لا تتصافح ، بل تتحول إلى تراب واحد
@ تقول واصفة على لسان البطل خالد عندما اعتقد بأن شخصاً أحب إمرأة كانت تجلس بجانبه ( في تلك اللحظة .. شعرت أن شحنة من الحزن المكهرب وربما الحب المكهرب أيضاً قد سرت بيننا ، واخترقتنا نحن الثلاثة ) – تعبير إبداعي لا مثيل له –

أقول بأن الجزائر وحتى وقت قريب كانت تفتخر بأنها قدمت للعالم شخصاً استثنائياً في لعبة كرة القدم (زين الدين زيدان) ، الآن جاء من ينسف هذا النجاح .. جاءت إمرأة من الصفوف الخلفية .. كانت مجرد معدة برامج في إذاعة محلية بالجزائر لتتقدم وتقتحم عالم الرواية لتتصدر المركز الأول .. وأقول المركز الأول بلا أي منافسة .. بل أن البقية الذين يمكن أن نقول بأنهم ينافسونها لازالوا في المراتب من العاشر وما دون .
سأبحث عند عودتي للرياض عن تفاصيل هذه السيدة وسأقرأ كل ماطرح عنها .. وسأبدأ في الغوص بين كنوزها وكتبها وقراءة كل ماخطته يمينها .
الآن .. يجب على كل من يفكر بأن يصدر رواية .. بأن يخجل ( ويختشي على دمه) – كما يقولون- .. فلا رواية تستحق القراءة بعد روايات أحلام .
أعذروني إن كنت مبالغاً في طرحي .. لكني والله ندمان بأني لم أقرأ لها طوال سنوات ، ومندهش حد (اللي مانيب قايل) من أن توجد سيدة عربية لديها هذه القدرة الإبداعية والأفكار الخلاقة والأسلوب الأدبي الذي أدهش نزار قباني (زاتوه) .
تعظيم سلام لأرض الجزائر التي أنجبت هذه العقلية وهذا الجنون العبقري وتعظيم سلام لأي أرض تجاور الجزائر .. لأنها قريبة من موطن (أحلام العبقرية)