عباس .. الأمل في الطرب

لا أصنّف نفسي خبيراً في الطرب والموسيقى، لكن ما أعلمه وتقوله لي ذائقتي بأننا نعيش أسوأ عصور الطرب والغناء، رغم أن الأصوات التي كانت تطربنا قبل عشرين عاماً مازالت تعيش وتنتج وتغني وتحيي حفلات، إلا أن الأغاني الجديدة خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة أصبحت بلا لون ولا طعم ولا رائحة.
ولأن الجزء الأكبر من سكان المملكة دون الثلاثين عاماً أو حتى أقل، أصبح المطربون يتجهون لهذه الشريحة ويستهدفونها بأغان ذات كلمات سطحية وألحان سخيفة، كما أن المطربون الآن صاروا أصدقاء ويحيون حفلات موحدة ويغنون من نفس الكتاب ويأخذون ألحاناً من ذات الملحنين ويدارون تحت مظلة شركة واحدة .. وهذا بلاشك أمر سلبي جداً .. لماذا ؟ ..
ببساطة لأن مفهوم التنافس انعدم تماماً، أصبح الجميع سواسية في كل شيء، وبالتالي انعدم التنافس الشريف – وربما غير الشريف – مما أثر على الساحة بشكل كبير، تخيل الحال نفسه ينطبق على مباريات الكرة.. الهلال والنصر يفوزان في كل مباراة وحين يلعبان ضد بعضهما البعض .. هذا يفوز مرة .. والآخر يفوز المرة الأخرى، بينما في واقع الأمر قوة فرقنا المحلية وتجاوزها – ربما بسنوات – حجم الأندية الخليجية التي تملك نفس القدرة المالية هو أن التنافس الكروي داخل السعودية ناري ومشتعل للغاية ..والكل يسهر ليلاً كيف يوقع مع اللاعب الفلاني ويخطف النجم العلاني حتى لا يذهب للمنافس.
عودوا لمقاطع طلال مداح في يوتيوب وهو يتشكى من سرقة محمد عبده للألحان قبل أن تصل إليه، وتأملوا الملحنين العظماء مثل محمد شفيق .. سراج عمر .. سامي إحسان والعبقري عمر كدرس .. وشاهدوا لماذا كانت الألحان في الثمانينات تحديداً رائعة جداً وتمثل مقطوعات موسيقية عالمية (مطلع أغنية صوتك يناديني مثالاً) ، كان الجو تنافسي للغاية، وكل فنان وملحن يسهر الليالي الطوال حتى يظهر بشكل مختلف وجديد وليست أغانٍ مسلوقة كما نسمع في أيامنا هذه، لا أبالغ أنه في وقت الثمانيات تحديداً لم تظهر أغنية سيئة أو فاشلة، كل أغاني طلال ومحمد عبده وعبادي وحتى عبدالمجيد كانت بديعة وتطربك .. قارنها بـ (تفاهات) عبدالمجيد الأخيرة على شاكلة حن الغريب وأمثالها.
أحب محمد عبده كثيراً وربما حين أسمع الأغاني في سيارتي لا أسمع إلا إياه، لكن مقتنع تماماً بأن السنوات العشر الأخيرة أصبح يعيش في دائرة الفشل، أحمد ربي أنه يملك أرشيف فني ضخم فيه مئات الأغاني الجميلة سواء كحفلات أو جلسات خاصة وهو النوع الذي أميل له، عبدالمجيد يكفي أن تعود لألبوماته في الثمانينات وحتى التسعينات لتعيش مع أغنياته عالماً آخر (سيد أهلي، طائر الأشحان، خفيف الدم ..استكثرك، أحبك ليه) وللأسف موهبة عبدالمجيد خسرناها مبكراً لكن لدي إحساس بأنه سيعود لطريقه يوماً .

الوحيد الذي أعلق عليه آمالي هو عباس ابراهيم، وسعيد جداً بأنه لم يقع في ماوقع به الآخرون لاسيما محمد عبده وعبدالمجيد وراشد بل وحتى خالد عبدالرحمن، وللحق كنت لا أفضل سماعه لأنه ظهر في سن صغيرة لا تمكّنه من تحديد طريقه بنفسه .. لكن الآن أعتقد هو أنسب وقت لعودته خاصة بعد أن تجاوز سن الثلاثين واستقرت طبقته الصوتية، والأهم أن لا يسير بنفسه طريق من سبقوه، بل يشق له طريق آخر مختلف وسيكون صوت السعودية الأول ، أما إذا دخل نفس المسار .. فسيكون حتماً مثلهم حتى ولو كان صوته الأجمل.

آملي أخيراً بأن هيئة الموسيقى ووزارة الثقافة بالتحديد تعيد ترتيب أوراق هذا الملف، وكل ثقة بأن الوضع سيتعدل .. لأنه لن يكون أسوأ من الحال الذي نحن فيه .

رد واحد على “عباس .. الأمل في الطرب”

  1. اتفق معك في كل ما ذكرت، وعلى ذكر الفنان عباس إبراهيم فحتي اللحظة اسمع أغنيته (ناديت) وبالصدفة أثناء عمل التلفاز وجدت له عمل جديد لمقدمة مسلسل عربي دراما مصرية وكان صوته غاية في الروعة. للأسف لا أتذكّر اسم المسلسل، لأنني لا اهتم بالدراما العربية فقد تماشت مع السطحية التي حدثت للغناء أيضًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *