خمسة قاسية أمام العالم

من شاهد ليس كم سمع، ومن رأى هذه النتيجة أمامه في الملعب ليس كمن تابعها خلف الشاشة، قاسية كنتيجة وقاسية كتأثير أمام هذه المشاهدة الكبرى التي تقدر بمليار مشاهد،
من المؤكد أنك قرأت الكثير والكثير من التحليلات والآراء حول هذه النتيجة التي أعادتنا لنقطة الصفر وكأننا لم نفعل شيئاً طوال السنوات الستة عشر التي أعقبت مونديال 2002 وذكرى الثمانية، وليس من المنطقي أن تمر حادثة بهذا الحجم دون أن أدركها بتعليق ولو بسيط، لست شخصاً فنياً ولا دارساً للخطط التدريبية لكن سأوجز وجهة نظري في نقاط :

# هدف غير منطقي: كلنا نعلم بأن مجموعة المنتخب الحالية هي الأقل حضوراً ومستوى بين جميع المنتخبات السعودية التي تأهلت للمونديال، وجميع المراكز من الحراسة حتى الهجوم كانت ضعيفة منذ التصفيات ولم تسجل حضوراً يلفت وكنا نفوز بطرق صعبة باستثناء مباراتي الإياب أمام تايلند والذهاب أمام الإمارات، كان خط الوسط هو الذي ينجز ولو أنه يفشل في صناعة اللعب كثيرا، لذلك فكرة التأهل للدور الثاني بمجموعة عادية خالية من الإمكانيات والقدرات من وجهة نظري لم يكن قراراً في مكانه، ليس من المنطقي أن أتفلسف بعد نهاية الحدث وأقول رأيي لأن هذا سيعد أمراً سهلاً و(تنظيري) لكن كنت أتمنى أن يكون الهدف الظهور بمستوى جيد والخروج بأقل إمكانية للخسائر.

# غياب الخبرة: من بين كل الأسماء التي تولت إدارة هذا المنتخب في المونديال خلال الأشهر الماضية، لا يوجد شخص واحد تولى إدارة فريق كروي على مستوى المحترفين، لا أحد يملك الخبرة في تحديد الهدف وقراءة الواقع الفعلي، لا من رئيس الاتحاد أو نائبه أو الأمين العام أو حتى مدير المنتخب نفسه، ولولا حجم ضغط التعصب لدينا لكنت تمنيت تواجد سامي الجابر حيث يملك خبرة كلاعب ومدير إداري ولديه أيضاً تجربة تدريبية لا بأس بها، لكن لو جاء الجابر لن يتركه سفهاء التعصب بسلام في مهمته .

# ضعف الجانب التدريبي: باستثناء مباراة مصر، في مباراتي روسيا والأوروغواي لم تكن هناك هجمة واحدة منظمة تصل منطقة الـ18 للخصم، لا تحدثني عن عدد التمريرات التي لا فائدة منها ولا كثرة الاستحواذ، القياس الفعلي هو بعدد الكرات التي وصلت منطقة الخصم والتي فشلنا فيها رغم المعسكرات الطويلة والمباريات التدريبية، وقد يكون ضعف مستوى اللاعبين دور في ذلك بلاشك.

# بيتزي يتحمل: لم أقرأ كثيراً انتقادات للمدرب الأرجنتيني بيتزي، لكني أراه يتحمل الخطأ الأكبر في مسيرة المنتخب وذلك في الدقيقة 65 من مباراة روسيا حيث كانت النتيجة 2\0 – المقبولة نظرياً – حينما فاجأ الجميع بإخراج لاعب المحور عبدالله عطيف وأشرك المولد مهاجماً ثانياً بجانب السهلاوي، في وقت كان التغيير المنطقي هو إخراج الشهري وإشراك المولد مكانه، هذا التغيير الكارثي فتح منطقة نصف الملعب على مصراعيه أمام الروس الذين وجدوا أمامهم مساحات كبرى تمكنوا من تسجيل 3 أهداف بعد هذا التغيير، ولا أذكر إن كان المولد قد لمس الكورة بعد نزوله أم لا، تغيير ساهم في خسارتنا بالخمسة وكان قرار مؤثر جداً ومتهور.

#ماذا نحتاج: قلت في بداية الموضوع بأننا عدنا لنقطة الصفر (فورمات) لكل الجهود المبذولة حلال السنوات الماضية، ولكن في الواقع أن أهم تصحيح لكرة القدم – لا يعتمد على فكرة النجاح السريع- هو تأسيس مواهب وقاعدة نجوم بأعمار أقل من 16 عاماً، وأن يكون الهدف هو مونديال 2026 بلاعبين مؤهلين علمياً وجسدياً وأتمنى إيكال مشروع أخضر المستقبل إلى شخصية رياضية عالمية تملك الخبرة في هذا الجانب، وأن يكون مشروع دولة خارج منظومة الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي هو أقل إمكانات لتولى مشروع كهذا، وهيئة الرياضة قادرة على تولي هذا الملف وتحويله إلى حقيقة عبر مواقع رئيسة في الرياض والأحساء ومكة والقصيم وجيزان.