عندما قال لي .. يا عم :(

عندما قال لي يا عم

أكتب أسطري هذه إلى جيل الشباب والذين ينعمون بحياتهم في عشرينات العمر، كنت إلى وقت قريب أنتشي بكلمات كبار السن التشجيعية الموجهة لي كشاب، خاصة في العمل، من مفهوم أنك الشاب الذي يغير ويطور، وأنك الشاب الذي تتمتع بقدرات تسبق بعمرك .. وأنك الشاب الذي فيك ومافيك، والذي نؤمل عليك قلب الأوضاع رأساً على عقب .. بأفكارك الجديدة والعصرية.

شعور صغر العمر يدور في ذهنك كل يوم، والتصرفات التي تخطئ فيها ربما يفهم بأنك لازلت شاب صغير السن، لا تتمتع بالخبرة في هذه الدنيا، لكن الأيام تمضي بسرعة وبشكل لا تتخيله، حتى تصبح يوماً من نومك وتعرف بأنك الآن لم تعد شاباً كما كنت تحس قبل ذلك.

الآن أصبحت أشاهد الأطفال الصغار الذين كنت أحملهم وألاعبهم بيدي قادوا السيارات وتخرجوا من الجامعة، والطفلة الصغيرة التي كنت أصورها وألاحقها في ممرات المنزل تتزوج، أصبحت أقول كما كان يقول والدي عندما يشاهد شباباً بأنه كان يحملهم على كتفه عندما كانوا أطفالاً، نعم كبرنا لدرجة أننا أصبحنا نتحدث عن ذكرياتنا فيما زملاء لنا في المكتب أو الاستراحة لم يولدوا حينها بعد .. حرب الخليج 90 مثالاً !

كانوا يقولون أن شعور الكبر في السن وتجاوز مرحلة الشباب تأتي عندما تضايقك تصرفات الشبان صغار السن ولا تستسيغ تصرفاتهم أو حتى أطفالهم، بين حين وآخر أقول لنفسي من هو الشخص الذي يقبل لنفسه بأن يأكل برغراً معلباً من ماكدونالدز، أو حتى من يترك الاستماع إلى فيروز وأم كلثوم ومحمد عبده ويستمع إلى ضجيج أغانٍ عربية غير مفهومة أو أغانٍ أجنبية مزعجة.

 

كل ذلك في كوم .. كما يقولون والشعور الذي انتابني ونزل علي كالصاعقة مساء أمس، كنت أتجول في ساكو بصحبة عائلتي، ولم أحلق دقني الذي – للأسف – غزاه الشيب بعد تجربة (بيت العمر)، سألت البائع الشاب السعودي الذي يظهر بأنه متدرب كما في الكرت الظاهر على صدره عن سلعة معينة .. قال لي: ياعم .. ستجدها في فرع مخرج 5 ..

 

هو قالها أم لم يقلها .. وقفت أنظر لحالي في المرآة المقابلة .. نعم يا أحمد اليوم أصبح الشبان ينادونك بـ يا عم .. وأصدقاؤك يقولون لك يا أبوفهد بدلاً عن أحمد، عدت للمنزل وكلمة يا عم وكأنها مكتوبة بالخط الديواني فوق رأسي، رغم أني عدت بحلول منتصف الليل تقريباً إلا أني اتجهت فوراً لحلاقي دقني .. لا أريد أن أكبر .

ملامح الشاب وهو يقول يا عم تتكرر أمامي طوال يومي هذا، وأصبحت كالسيدة التي تغضب عندما يناديها العاملون بـ “يا خالة” .. لقد أصبحنا سواء الآن.