مصادفة .. مع رجل عظيم لايبحث عن الشهرة

قبل أن أقرأ كتاب ستيف جوبز كنت مغرماً به وبانجازاته وبأنه فعلاً غير مفردة التقنية بكل ماتحمله الكلمة من معنى .. لا اعتراض على ذلك مطلقاً، لكن بعد قراءة الكتاب انقلب هذا الإعجاب إلى العكس حيث تغيرت وجهة نظري لجوبز واساليبه الكريهة وغير المعتادة في التعامل مع الآخرين .. أكرر بأني لازلت معجباً ومبهوراً بما قدمه .. هذا شيء مختلف، أنا أتحدث عن شخصه لأن الرسالة التي وصلتني من أسطر المؤلف تعكس كمية (ثقالة الدم) التي يتمتع بها ستيف جوبز خاصة في بداياته.
في ذات الكتاب كنت أعجب جداً بآراء شريكه “ستيف وزنياك” الرجل العظيم الذي يقف خلف الكثير من النجاحات، كان وزنياك أكثر تعقلاً وحكمة واحتراماً للآخرين، قادني ذلك للبحث أكثر عن “وزنياك” في الانترنت ومشاهدة حواراته عبر “يوتيوب” .. ومازادتني تلك المشاهدات إلا احتراماً أكثر لشخص متعقل رزين لايبحث عن الطنين والضجيج.

كتبت على جداري في الفيس بوك في شهر سبتمبر الماضي بأني سعيد جداً كون “وزنياك” سيكون في الرياض فبراير المقبل وأن هذه الزيارة لم تتداول إعلامياً ولم يتم الإشارة إليها سوى في موقع “عالم أبل” .. كان ذلك أمراً مجحفاً بحق رجل تاريخي ساهم في تأسيس شركة أبل العملاقة.

مساء أمس الأحد كنت متجهاً للغداء في “لونغ بيتش” جنوب لوس أنجليس، كأني لمحت وزنياك يقف منتظراً سيارته مع سيدة أخرى، شككت في الأمر هل يعقل بأن هذا الشخص الذي يحمل جهازه المحمول خلف ظهره هو “ستيف وزنياك” .. ماغيره ! ، بالفعل ألقيت عليه التحية وطلبت صورة تذكارية لكن هذه المصادفة الجميلة قادت لمحادثة قصيرة كان متحمساً فيها بعدما علم بأني من السعودية .. كونه سيأتي للرياض وكان الأمر أكثر حماساً حينما قدم لي كرته الشخصي حتى نلتقي  “من باب المجاملة طبعاً” .. لكن بكل تأكيد لن أفوت هذه الفرصة 🙂 ، الطريف في الأمر بأني تفاجأت بأن عامل خدمة “صف السيارات” قدم له مفتاح سيارته وكانت تويوتا كورولا ..، ودعنا ومضى بكل أريحية حتى أنه فتح النافذة ليؤشر بيده مودعاً بكل بساطة.

بكل تأكيد مايدور في رأسك عزيزي القارئ هو ماكان يدور في رأسي وقتها .. كيف لرجل قد يكون غير صناعة الحاسب الآلي الشخصي وينصف كأحد عباقرة الكمبيوتر وقد يكون من أثرى الشخصيات في هذا المجال يسير بكل بساطة مع الآخرين ويقود سيارة بسيطة دون ضجيج .. قارنه بما يقدمه بعض الفاشلون العرب من القياديين في القطاعات الخاصة والحكومية، والله لن أنسى يوماً زارنا في “الدوام” مدير شركة سعودية كبرى كانت تسبقه سيارات “الحشم” لإشعال البخور لحظة دخوله .. ناهيك عن اسطبل سيارات المرسيدس وكأن الأمر زيارة رئيس دولة وليست شركة محلية.

كانت مصادفة جميلة حقيقة وفرصة للقاء شخصية تاريخية بسيطة ومتواضعة.

روابط:
@ مقطع يوتيوب فيه مقابلة لوزنياك وهو ينتظر في “الطابور” لشراء الآيباد .. أعيد وأقول هذا أحد مؤسسي أبل ! 
@ صفحة “وزنياك” الإنجليزية في ويكيبديا للمزيد عن هذا الرجل وحجم ثروته، للأسف العربية لايوجد فيها معلومات كافية.