لمجتمع أكثر .. انضباطاً

 

تطبيق النظام هل هو صعب لهذه الدرجة ؟ ، وهل فشلنا في إيجاد حلول منطقية تساهم في تطبيق النظام وتسهل الإجراء على المواطن؟ دائماً ما أسأل نفسي هذا السؤال .. الإجابات تتطاير من هنا وهناك ولا تحتاج إلى ذلك التفكير المتعمق أو الدراسات الكبيرة لإيجاد حلول، وأنت لو جربت وسألت هذا السؤال في محيط أصدقائك وزملائك لوجدت حلولاً منطقية .

بالنسبة لي كانت إجراءات مراجعة الأحوال المدنية لاستخراج بطاقة العائلة قبل نحو شهر من زواجي أشبه بالكابوس .. تخيل أن تضيع من حياتك 5 ساعات بلا أدنى سبب وكلها في سبيل إجراءات سهلة جداً وميسرة لاتحتاج في مجملها إلى نصف المدة ولكنها البيروقراطية وبطء الأنظمة والاتكالية من موظف لآخر .. والواسطات التي تنخر دوائرنا الحكومية ، فكرت في بعض الحلول .. سأرصدها هنا على هيئة نقاط :

* ماذا لو فكر أحد بالتعاقد مع شركة علاقات عامة مهمتها توفير طاقم شاب يرتدي لبساً موحداً مهمته فقط استقبال المعاملة من الزائر وتنسيقها بالشكل المطلوب في النظام قبل تحويلها للقسم المختص، هنا سنقضي على إشكالية العمل الحكومي الذي لا يوفر صلاحيات للمدير لمعاقبة المقصرين والمتلاعبين من الموظفين، ونضمن جزء من خصخصة القطاع الحكومي بتوفير وظائف جديدة بنظام القطاع الخاص .. بالتالي سيكون هناك مجال للمراجعة حتى الرابعة أو الخامسة عصراً كما سيكون هناك استقبال في يوم الخميس .. صدقوني الكلفة ستعادل كلفة تعاقد الأجهزة الحكومية مع شركة علاقات وإعلام لتلميع المنشأة في الصحف والقنوات وهي بالمناسبة تتجاوز ست خانات .. كله تلميع في تلميع .

* فكرة المواعيد هل هي مستحيلة ؟ لتكن بمثل اسلوب المستشفيات والسفارات .. تتصل مسبقاً قبل المراجعة ويمنحك الموظف موعداً في الساعة الفلانية واليوم الفلاني، تصل قبل موعدك بعشر دقائق وتتجه لصالة المواعيد وتتابع إجراءات تجديد البطاقة أوالجواز .. الخ، ويمكن توفير صالة للفوضويين الذين حضروا بلا موعد .. ومن الطبيعي أن يكون فيها الإجراء أكثر تعقيداً، حساب المواعيد ليس أمراً عسيراً يعود في بداية الأمر إلى حسبة كم يستطيع الموظف أن ينهي من المراجعين خلال ساعة .. مراجع كل 5 دقائق ؟ إذن الحسبة لا تحتاج سوى إلى آلة حاسبة مع التأكيد على منح الموظف وقت مستقطع ربما 10 دقائق كل ساعتين .

* خدمة اكسبريس ؟ هل سمعتوا بها ؟ ، عندما زرت سنغافورة كنا في وفد نتجول على بعض المنشآت الحكومية المذهلة ، كان المرشد يؤكد بأن محاربة الفساد كان أحد الأساسات التي قامت عليها الجزيرة الصغيرة، هم لاحظوا كثيراً أن المواطنين يدفعون (بخشيش من تحت الطاولة) للموظفين في المنشآت الحكومية حتى يسرعوا من الإجراءات، بعد متابعة وترصد تم حساب كمية المداخيل فلاحظوا أن الرقم كبير جداً ومن خلاله أطلقوها بشكل رسمي .. كيف ؟
ببساطة في كل منشأة وضعوا ممراً بمسمى (خدمة اكسبريس) .. تريد أن تجدد جوازك سيستغرق كإجراء حكومي ربما نحو 3 ساعات في حال كنت كالآخرين ، أما إذا أردت أن تنهي إجراءاتك بسرعة فادفع مبلغاً يقارب من (مئة ريال) واتجه لممر خدمة الاكسبريس وسيكون هناك التعامل مختلفاً وأكثر تسريعاً .. وهكذا ، خدمة ذكية لكنها فعالة لأنهم سيضمنون أن تنهي إجراءك خلال ساعة مثلا .. لكن ادفع بشكل رسمي وليس …. ! ، قيمة الخدمة المربحة خصصت لزيادة قطاع الموظفين في المنشأة .. بدل أن يكون في الإدارة 7 مثلا .. أصبحوا 14 .

ربما خبراتي في الحياة لم تسعفني لضرب أمثلة أكثر، وأعلم بأن من يقرأ هذه الأسطر لديه الأفكار .. ولكن من يعلق الجرس ويبدأ التطبيق ؟

رد واحد على “لمجتمع أكثر .. انضباطاً”