مذكرات صحفي فاسد (1)

يصحو زياد الصحفي في جريدة (الكسالى ) في السابعة صباحاً ، يبدأ يومه بقراءة الرسائل الواردة إلى جهازه الجوال الذي تلقاه كهدية من الشركة العريقة في مجال الجوالات في مؤتمر الاتصالات الذي غطاه لجريدته الاسبوع الماضي ، يذهب إلى مدرسته التي يعمل فيها مدرساً لمدة العلوم لطلاب المرحلة الثانوية ، قبل أن يصل المدرسة يشتري كل الصحف السعودية ، يذهب لغرفة المدرسين ويتجاهل الطابور والنظام .. يسلم على مديره الذي يمازحه أمام المدرسين ، كيف لا وزياد هو الذي ينشر أخبار المدرسة في الجريدة لتظهر بأزهى صورة لدى المسؤولين في الوزارة .. لذلك له وضعه الخاص .
يبدأ زياد يومه في قراءة الصحف التي يعلم يقيناً بأن إداراتها أفضل من إدارة صحيفته .. يشاهد العناوين الرئيسية .. يأخذ من هنا فكرة .. ومن تلك فكرة أخرى .. ومن تصريح هذا المسؤول فكرة تحقيق .. ومن مقال ذلك الكاتب فكرة تقرير ، يبدأ اتصالاته على المسؤول في الوزارة الحكومية التي نشرت إحدى الصحف خبراً عنها .. يحادث المسؤول (شفت وش كاتبين جريدة القراوى عنكم ) .. ليبدأ المسؤول بالرد والأخذ والعطى .. في النهاية يكون موضوع صحفي جيد لزياد .. يفرغه على الورق ويرسله إلى الجريدة بالفاكس ، عند العاشرة .. يتجه زياد للنادي الصحي القريب من المدرسة حيث يقضي ساعة من التمارين الرياضية التي يحرص عليها صباح كل يوم .. خصوصاً وأن النادي الصحي يمنحه اشتراكاً مجانياً طالما هو ينشر اخبار النادي في الجريدة كخبر تحريري وليس إعلاني ، عند الثانية عشر يخرج من المدرسة بعد أن ضبط جدوله لينتهي قبل صلاة الظهر .. لاسيما وهو صديق المدير المدلل ، يخرج زياد وهو لم يداوم سوى حصة واحدة فقط إلى مركز البكاء الخيري .. حب الخير لدى زياد دفعه للتعاون مع المركز الخيري لنشر أخباره في الجريدة .. كيف لا والمركز يمنح زياد مرتب 4000 ريال .. ثمناً لنشر الأخبار في الجريدة ، مدير المركز يحبه حباً كبيراً لأنه يوصل صوته للمسؤولين كل اسبوع .. المدير يهمس في اذن نائب المركز ( يستاهل زياد 10 آلاف على  الشغل الطيب .. الله مير يجزاه خير .. ترى أخباره هي اللي تجيب التبرعات) .
يخرج زياد من المركز قبل الواحدة ، يتجه للجريدة ويشغل حاسوبه للدخول إلى مواقع سبق والوئام .. وقبلها الساحات .. من هنا فكرة .. ومن هنا خبر .. ومن هنا تعليق ، يتصل زياد على مدير المستشفى الحكومي الذي يستعين به دائماً لأخذ المواعيد والإجازات الطبية .. زياد يقول للمدير ( شفت وش قايلين في الساحات عنكم ؟ ) .. يرد المدير ويبرر وينتج عمل صحفي آخر لزياد ، مدير المستشفى بعد المكالمة يصيح في وجه مدير مكتبه ( ياخي قايلك مية مرة .. لا تخلي زياد في قاعة الانتظار أبد .. دخله على الدكتور على طول .. هذا ينشر أخبارنا وتصاريحنا ويضبط أمورنا في الجريدة .. ياخي والله يستاهل نضمه للعلاقات العامة ونمشي له راتب )  ، يرد الموظف ( تراه طالب إجازة مرضية لزوجته المدرسة .. يبي اسبوع ) ، رد المدير بصوت عال ( عطه اجازة مرضية لمدة شهر وجبها أوقعها .. يستاهل )
بعد الثانية ، شقيق زياد متورط في رحلة للخطوط السعودية المتجهة إلى جدة ، اتصل بزياد الذي بدوره اتصل على أحد المسؤولين في الخطوط ( هاه .. وش عندكم من أخبار .. ووش أخبار الخصخصة ) .. يرد المسؤول بهدوء وتروي ويتحول الموضوع إلى تصريح صحفي جديد ، زياد يطلب من المسؤول أن ينتهز فرصة مكالمته ويساعد شقيقه المتعلق في المطار  ومذكراً إياه بأن الخبر سينزل بلبس البدلة الجديد ، بعد دقائق يتصل شقيق زياد وهو يقول ( ياخي انت خطير .. تصدق نقلوني درجة أولى ! ) .
عند الثالثة .. يحادث زياد صديقه المتخصص في الأسهم لمعرفة حال السوق وأخذ التوصيات ، هو يمنح زياد كل خبراته في هذا المجال بل أنه يدير محفظته الاستثمارية بلا نسبة ، المتخصص يحادث صديقه ( ياخي لو ماكفاني من زياد إلا تصاريحي في الجريدة وعلاقاته لإظهاري في القنوات الفضائية .. لكفى ) ،  عند إغلاق السوق يجمع زياد أوراقه ليعود للمنزل فأمامه في المساء العديد من المشاوير في المراكز الخيرية ، مر على زملائه في أحد الأقسام بينهما كانوا يتابعون بنهم اللحظات الأخيرة لإغلاق سوق الأسهم  (ياشباب الله يجزاكم خير .. ترى مايجوز تشترون أسهم المملكة .. خذوا اقروا الفتوى ) .. ردد الجميع ( الله يجزاك خير يازياد .. ياخي أنت مثال للصحفي النزيه ) .. يرحل زياد ولم يكد يمضي خطوات قليلة حتى بدأ زملائه بحشه

18 رد على “مذكرات صحفي فاسد (1)”

  1. بالرغم من كل ما فعله زياد وما سيفعله يظل إنسان ناجح في حياته!
    سردت يا أحمد واقع مؤلم نجده في عالمنا العربي، رغم دنيوية السُبل التي سلكها زياد للحصول على المال أو الشهرة إلا أنها ناجحة وبسيطة تقصّر أميال طريق النجاح وتحصد محاصيله، لذلك بعض العقول العربية تتّجه إليه.

    عقلية زياد كارثة على المجتمع والبلد، نعمة وفضل على شخصه المنفرد.

  2. ……..

    ليت السالفه توقف على كذا

    اللي يشتغل بإخلاص .. وبصدق نية

    ماتلقى احد يناظره ..

    هذا زمن النصب ياعمي

    ,,

  3. فعلا دائما ياخوي بحياتنا نرى أشخاص على شاكلة زياد..
    للاسف هو واقع مؤلم لكن باعتقادهم هو اسهل طريق للوصول الي مبتغاهـم.ـ
    اثناء انتهائي من قراءتي للمذكرات لم اكن اريدها ان تنتهي
    للجمال اسلوبك بكتابته والاهم ان نرى نهاية زياد..
    بااااااانتظارك

  4. …. ،
    اي والله مايقصر ابد 🙂

    خاطرة بيضاء :
    مرة جدا .. والأمر لا يقتصر على الصحافة .. ففي كل المهن هناك أمثال زياد

    سهاد : وفيه ثاني وثالث بعد

    أقرب البعيد : الصحافة ابتليت باللي بتاع كووولووو

    تركي فصام : صدقت .. وتجده قد يحصد الجوائز والألقاب .. وغالباً نوعية زياد يعرفون من أين تؤكل الكتف

    من هو زياد : هو مدرس ومتعاون مع إحدى الصحف المحلية ..

    آمنة : لأنها حرام

    محمد : قريباً بإذن الله

    أمنية العمر : بلاشك وكل مهنة كذلك .. لكن الضوء سلط على زياد هذه المرة وسيسلط على غيره في المرات القادمة ..

    مشغول : زياد شخصية متعددة وأمثلته كثيرة .. لا يوجد شخص محدد 🙂

    عبدالرحمن : أنا معك في ماذكرته .. وأصبت ياصاحبي

    ليان : شكراً .. والإضافات في الجزء الثاني ان شاء الله

    الوعد : ليه ارهاب .. ماشي بهدوء وتكتيك ..ومضبط أموره 🙂

    نوندي : ولا ياصاحب المدون الأمر جائز .. مرحبن ألف

  5. الله اكبر زياد الفريان
    هذا احمد حبيب قلبي
    هاذا اسلوبه
    ياحبايب
    يبرق احمد هكذا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *